Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 77-78)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَشْتَرُونَ } يستبدلون { بِعَهْدِ ٱللَّهِ } بما عاهدوه عليه من الإيمان بالرسول المصدّق لما معهم { وَأَيْمَـٰنِهِمْ } وبما حلفوا به من قولهم . والله لنؤمنن به ولننصرنه { ثَمَناً قَلِيلاً } متاع الدنيا من الترؤس والارتشاء ونحو ذلك . وقيل نزلت في أبي رافع ولبابة بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب ، حرفوا التوراة وبدلوا صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخذوا الرشوة على ذلك . وقيل جاءت جماعة من اليهود إلى كعب بن الأشرف في سنة أصابتهم ممتارين ، فقال لهم هل تعلمون أن هذا الرجل رسول الله ؟ قالوا نعم ، قال لقد هممت أن أَمِيرَكم وأكسوكم فحرمكم الله خيراً كثيراً . فقالوا لعله شبه علينا فرويداً حتى نلقاه . فانطلقوا فكتبوا صفة غير صفته ، ثم رجعوا إليه وقالوا قد غلطنا وليس هو بالنعت الذي نعت لنا ، ففرح ومارَهُمْ . وعن الأشعث بن قيس 175 " نزلت فيّ ، كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر ، فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال « شاهداك أو يمينه » فقلت إذن يحلف ولا يبالي فقال « من حلف على يمين يستحق بها مالا هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان " وقيل نزلت في رجل أقام سلعة في السوق فحلف لقد أعطي بها ما لم يعطه . والوجه أن نزولها في أهل الكتاب . وقوله { بِعَهْدِ ٱللَّهِ } يقوّي رجوع الضمير في بعهده إلى الله { وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ } مجاز عن الاستهانة بهم والسخط عليهم تقول فلان لا ينظر إلى فلان ، تريد نفي اعتداده به وإحسانه إليه { وَلاَ يُزَكّيهِمْ } ولا يثني عليهم . فإن قلت أي فرق بين استعماله فيمن يجوز عليه النظر وفيمن لا يجوز عليه ؟ قلت أصله فيمن يجوز عليه النظر الكناية ، لأن من اعتد بالإنسان التفت إليه وأعاره نظر عينيه ، ثم كثر حتى صار عبارة عن الاعتداد والإحسان وإن لم يكن ثم نظر ، ثم جاء فيمن لا يجوز عليه النظر مجرداً لمعنى الإحسان مجازاً عما وقع كناية عنه فيمن يجوز عليه النظر { لَفَرِيقًا } هم كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وحييّ بن أخطب وغيرهم { يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِٱلْكِتَـٰبِ } يفتلونها بقراءته عن الصحيح إلى المحرف وقرأ أهل المدينة « يلوون » ، بالتشديد ، كقوله { لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } المنافقون 5 . وعن مجاهد وابن كثير يلون ووجهه أنهما قلبا الواو المضمومة همزة ، ثم خففوها بحذفها وإلقاء حركتها على الساكن قبلها . فإن قلت إلام يرجع الضمير في { لِتَحْسَبُوهُ } ؟ قلت إلى ما دلّ عليه يلوون ألسنتهم بالكتاب وهو المحرف . ويجوز أن يراد يعطفون ألسنتهم بشبه الكتاب لتحسبوا ذلك الشبه من الكتاب وقرىء « ليحسبوه » بالياء ، بمعنى يفعلون ذلك ليحسبه المسلمون من الكتاب { وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ } تأكيد لقوله هو من الكتاب ، وزيادة تشنيع عليهم ، وتسجيل بالكذب ، ودلالة على أنهم لا يعرّضون ولا يورُّون وإنما يصرحون بإنه في التوراة هكذا ، وقد أنزله الله تعالى على موسى كذلك لفرط جراءتهم على الله وقساوة قلوبهم ويأسهم من الأخرة . وعن ابن عباس هم اليهودالذين قدموا على كعب بن الأشرف غيروا التوراة وكتبوا كتاباً بدّلوا فيه صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أخذت قريظة ما كتبوه فخلطوه بالكتاب الذي عندهم .