Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 18-21)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَانَ مُؤْمِناً } و { كَانَ فَاسِقاً } محمولان على لفظ من و { لاَّ يَسْتَوُونَ } محمول على المعنى ، بدليل قوله تعالى { أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } ونحوه قوله تعالى { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ } محمد 16 و { جَنَّـٰتُ ٱلْمَأْوَىٰ } نوع من الجنان قال الله تعالى { وَلَقَدْ رَءاهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } النجم 15 سميت بذلك لما روي عن ابن عباس رضي الله عنه قال تأوي إليها أرواح الشهداء . وقيل هي عن يمين العرش . وقرىء « جنة المأوى » ، على التوحيد { نُزُلاً } عطاء بأعمالهم . والنزل عطاء النازل ، ثم صار عاماً { فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ } أي ملجؤهم ومنزلهم . ويجوز أن يراد فجنة مأواهم النار ، أي النار لهم ، مكان جنة المأوى للمؤمنين كقوله { فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } آل عمران 21 ، التوبة 34 ، الإنشقاق 24 ، { ٱلْعَذَابِ ٱلأدْنَىٰ } عذاب الدنيا من القتل والأسر ، وما محنوا به من السنة سبع سنين . وعن مجاهد رضي الله عنه ، عذاب القبر . و { ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ } عذاب الآخرة ، أي نذيقهم عذاب الدنيا قبل أن يصلوا إلى الآخرة { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي يتوبون عن الكفر ، أو لعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه . كقوله تعالى { فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً } السجدة 12 وسميت إرادة الرجوع رجوعاً ، كما سميت إرادة القيام قياماً في قوله تعالى { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ } المائدة 6 ويدل عليه قراءة من قرأ « يرجعون » على البناء للمفعول . فإن قلت من أين صح تفسير الرجوع بالتوبة ؟ و « لعل » من الله إرادة ، وإذا أراد الله شيئاً كان ولم يمتنع ، وتوبتهم مما لا يكون ، ألا ترى أنها لو كانت مما يكون لم يكونوا ذائقين العذاب الأكبر ؟ قلت إرادة الله تتعلق بأفعاله وأفعال عباده ، فإذا أراد شيئاً من أفعاله كان ولم يمتنع ، للاقتدار وخلوص الداعي . وأما أفعال عباده فإما أن يريدها وهم مختارون لها ، أو مضطرون إليها بقسره وإلجائه ، فإن أرادها وقد قسرهم عليها فحكمها حكم أفعالها ، وإن أرادها على أن يختاروها وهو عالم أنهم لا يختارونها لم يقدح ذلك في اقتداره ، كما لا يقدح في اقتدارك إرادتك أن يختار عبدك طاعتك وهو لا يختارها ، لأنّ اختياره لا يتعلق بقدرتك ، وإذا لم يتعلق بقدرتك لم يكن فقده دالاً على عجزك . وروي في نزولها 867 « أنه شجر بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط يوم بدر كلام ، فقال له الوليد اسكت فإنك صبيّ أنا أشبّ منك شباباً ، وأجلد منك جلداً ، وأذرب منك لساناً ، وأحدّ منك سناناً ، وأشجع منك جناناً ، وأملأ منك حشواً في الكتيبة . فقال له علي رضي الله عنه اسكت ، فإنك فاسق ، فنزلت عامة للمؤمنين والفاسقين ، فتناولتهما وكل من كان في مثل حالهما . وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قال للوليد كيف تشتم علياً وقد سماه الله مؤمناً في عشر آيات ؟ وسماك فاسقاً ؟ .