Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 43-44)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما كان من شأن المصلي أن ينعطف في ركوعه وسجوده استعير لمن ينعطف على غيره حنوّاً عليه ترؤفاً . كعائد المريض في انعطافه عليه ، والمرأة في حنوّها على ولدها ، ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤف ومنه قولهم صلّى الله عليك ، أي ترحم عليك وترأف . فإن قلت قوله { هُوَ ٱلَّذِى يُصَلّى عَلَيْكُمْ } إن فسرته بيترحم عليكم ويترأف ، فما تصنع بقوله { وَمَلَـٰۤئِكَتُهُ } وما معنى صلاتهم ؟ قلت هي قولهم اللَّهم صلّ على المؤمنين ، جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة كأنهم فاعلون الرحمة والرأفة . ونظيره قوله حياك الله ، أي حياك وأبقاك ، وحييتك ، أي دعوت لك بأن يحييك الله لأنك لا تكالك على إجابة دعوتك كأنك تبقيه على الحقيقة ، وكذلك عمرك الله ، وعمرتك ، وسقاك الله ، وسقيتك ، وعليه قوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰۤئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ } الأحزاب 56 أي ادعوا الله بأن يصلّي عليه . والمعنى هو الذي يترحم عليكم ويترأف حيث يدعوكم إلى الخير ويأمركم بإكثار الذكر والتوفر على الصلاة والطاعة { لِيُخْرِجَكُم } من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة { وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } دليل على أنّ المراد بالصلاة الرحمة . ويروى أنه لما نزل قوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰۤئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ } الأحزاب 56 قال أبو بكر رضي الله عنه ما خصك يا رسول الله بشرف إلاّ وقد أشركنا فيه ، فأنزلت { تَحِيَّتُهُمْ } من إضافة المصدر إلى المفعول ، أي يحيون يوم لقائه بسلام . فيجوز أن يعظمهم الله بسلامه عليهم ، كما يفعل بهم سائر أنواع التعظيم ، وأن يكون مثلاً كاللقاء على ما فسرنا . وقيل هو سلام ملك الموت والملائكة معه عليهم وبشارتهم بالجنة . وقيل سلام الملائكة عند الخروج من القبور . وقيل عند دخول الجنة ، كما قال { وَالمَلَـٰۤئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ } الرعد 23 ـــ 24 والأجر الكريم الجنة .