Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 53-53)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } في معنى الظرف تقديره وقت أن يؤذن لكم . و { غَيْرَ نَـٰظِرِينَ } حال من { لاَ تَدْخُلُواْ } وقع الاستثناء على الوقت والحال معاً . كأنه قيل لا تدخلوا بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقت الإذن ، ولا تدخلوها إلاّ غير ناظرين ، وهؤلاء قوم كانوا يتحينون طعام رسول الله ، فيدخلون ويقعدون منتظرين لإدراكه . ومعناه لا تدخلوا يا هؤلاء المتحينون للطعام ، إلاّ أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ، وإلا فلو لم يكن لهؤلاء خصوصاً ، لما جاز لأحد أن يدخل بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ أن يؤذن له إذناً خاصاً ، وهو الإذن إلى الطعام فحسب . وعن ابن أبي عبلة أنه قرأ غير ناظرين ، مجروراً صفةٌ لطعام ، وليس بالوجه ، لأنه جرى على غير ما هو له ، فمن حق ضمير ما هو له أن يبرز إلى اللفظ ، فيقال غير ناظرين إناه أنتم ، كقولك هند زيد ضاربته هي ، وإني الطعام إدراكه . يقال أني الطعام إنىً ، كقولك قلاه قلىً . ومنه قوله { بَيْنَ حَمِيمٍ آن } الرحمٰن 44 بالغ إناه . وقيل « إناه » وقته ، أي غير ناظرين وقت الطعام وساعة أكله . وروي 903 أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على زينب بتمر وسويق وشاة ، وأمر أنساً أن يدعو بالناس ، فترادفوا أفواجاً يأكل فوج فيخرج ، ثم يدخل فوج إلى أن قال يا رسول الله ، دعوت حتى ما أجد أحداً أدعوه ، فقال " ارفعوا طعامكم " وتفرق الناس ، وبقي ثلاثة نفر يتحدثون فأطالوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا ، فانطلق إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فقال " السلام عليكم أهل البيت " فقالوا عليك السلام يا رسول الله ، كيف وجدت أهلك ؟ وطاف في الحجرات فسلم عليهنّ ودعون له ورجع فإذا الثلاثة جلوس يتحدثون ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحياء ، فتولى ، فلما رأوه متولياً خرجوا ، فرجع ونزلت { وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } نهوا عن أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدثه به . أو عن أن يستأنسوا حديث أهل البيت ، واستئناسه تسمعه وتوجسه ، وهو مجرور معطوف على ناظرين . وقيل هو منصوب على ولا تدخلوها مستأنسين . لا بدّ في قوله { فَيَسْتَحْيِى مِنكُمْ } من تقدير المضاف ، أي من إخراجكم ، بدليل قوله { وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ ٱلْحَقّ } يعني أن إخراجكم حتى ما ينبغي أن يستحيا منه ، ولما كان الحياء مما يمنع الحي من بعض الأفعال ، قيل { لاَ يَسْتَحىِ مِنَ ٱلحَقّ } بمعنى لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحي منكم ، وهذا أدبٌ أدّب الله تعالى به الثقلاء . وعن عائشة رضي الله عنها حسبك في الثقلاء أنّ الله تعالى لم يحتملهم وقال فإذا طعمتم فانتشروا . وقرىء « لا يستحي » بياء واحدة . الضمير في { سَأَلْتُمُوهُنَّ } لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكرن لأنّ الحال ناطقة بذكرهن { مَّتَـٰعًا } حاجة { فَسْـئَلُوهُنَّ } المتاع . قيل 904 إن عمر رضي الله عنه كان يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة ، وكان يذكره كثيراً ، ويزد أن ينزل فيه ، وكان يقول لو أُطاع فيكن ما رأتكن عين ، وقال يا رسول الله ، يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فنزلت . وروي أنه مر عليهن وهن مع النساء في المسجد ، فقال لئن احتجبتن ، فإن لكن على النساء فضلاً ، كما أن لزوجكن على الرجال الفضل ، فقالت زينب رضي الله عنها يا ابن الخطاب ، إنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا ، فلم يلبثوا إلاّ يسيراً حتى نزلت . وقيل 906 إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم ومعه بعض أصحابه ، فأصابت يد رجل منهم يد عائشة ، فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، فنزلت آية الحجاب . وذكر أنّ بعضهم قال أننهى أن نكلم بنات عمنا إلاّ من وراء حجاب ، لئن مات محمد لأتزوّجن فلانة . فأعلم الله أن ذلك محرم { وَمَا كَانَ لَكُمْ } وما صحّ لكم إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نكاح أزواجه من بعده ، وسمى نكاحهن من بعده عظيماً عنده ، وهو من أعلام تعظيم الله تعالى لرسوله وإيجاب حرمته حياً وميتاً ، وإعلامه بذلك مما طيب به تعالى نفسه وسر قلبه واستغزر شكره . فإن نحو هذا مما يحدث الرجل به نفسه ولا يخلي منه فكره . ومن الناس من تفرظ غيرته على حرمته حتى يتمنى لها الموت لئلا تنكح من بعده . وعن بعض الفتيان أنه كانت له جارية لا يرى الدنيا بها شغفاً واستهتاراً ، فنظر إليها ذات يوم فتنفس الصعداء ، وانتحب فعلا نحيبه مما ذهب به فكره هذا المذهب ، فلم يزل به ذلك حتى قتلها ، تصوراً لما عسى يتفق من بقائها بعده وحصولها تحت يد غير . وعن بعض الفقهاء أن الزوج الثاني في هدم الثلاث مما يجري مجرى العقوبة فصين رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يلاحظ ذلك .