Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 9-11)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱذْكُرُواْ } ما أنعم الله به عليكم يوم الأحزاب وهو يوم الخندق { إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ } وهم الأحزاب ، فأرسل الله عليهم ريح الصبا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 876 " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور " { وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } وهم الملائكة وكانوا ألفاً بعث الله عليهم صبا باردة في ليلة شاتية ، فأخصرتهم وسفت التراب في وجوههم ، وأمر الملائكة فقلعت الأوتاد ، وقطعت الأطناب ، وأطفأت النيران ، وأكفأت القدور ، وماجت الخيل بعضها في بعض ، وقذف في قلوبهم الرعب ، وكبرت الملائكة في جوانب عسكرهم ، فقال طليحة بن خويلد الأسدي أما محمد فقد بدأكم بالسحر ، فالنجاء النجاء ، فانهزموا من غير قتال ، وحين سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقبالهم ضرب الخندق على المدينة ، أشار عليه بذلك سلمان الفارسي رضي الله عنه ، ثم خرج في ثلاثة آلاف من المسلمين فضرب معسكره والخندق بينه وبين القوم ، وأمر بالذراري والنساء فرفعوا في الآطام واشتدّ الخوف ، وظن المؤمنون كل ظن ، ونجم النفاق من المنافقين حتى قال معتب بن قشير كان محمد يعدنا كنوز كسرى وقيصرولا نقدر أن نذهب إلى الغائط . وكانت قريش قد أقبلت في عشرة آلاف من الأحابيش وبني كنانة وأهل تهامة وقائدهم أبو سفيان ، وخرج غطفان في ألف ومن تابعهم من أهل نجد وقائدهم عيينة بن حصن . وعامر بن الطفيل في هوازن ، وضامتهم اليهود من قريظة والنضير ، ومضى على الفريقين قريب من شهر لا حرب بينهم إلا الترامي بالنبل والحجارة ، حتى أنزل الله النصر { تَعْمَلُونَ } قرىء بالتاء والياء { مّن فَوْقِكُمْ } من أعلى الوادي من قبل المشرق بنو غطفان { وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ } من أسفل الوادي من قبل المغرب قريش تحزبوا وقالوا سنكون جملة واحدة حتى نستأصل محمداً { زَاغَتِ ٱلأَبْصَـٰرُ } مالت عن سننها ومستوى نظرها حيرة وشخوصاً . وقيل عدلت عن كل شيء فلم تلتفت إلا إلى عدوّها لشدة الروع . الحنجرة رأس الغلصمة وهي منتهى الحلقوم . والحلقوم مدخل الطعام والشراب ، قالوا إذا انتفخت الرئة من شدة الفزع أو الغضب أو الغمّ الشديد ربت وارتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة ، ومن ثمة قيل للجبان انتفخ سحره . ويجوز أن يكون ذلك مثلاً في اضطراب القلوب ووجيبها وإن لم تبلغ الحناجر حقيقة { وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ } خطاب للذين آمنوا . ومنهم الثبت القلوب والأقدام ، والضعاف القلوب الذين هم على حرف ، والمنافقون الذين لم يوجد منهم الإيمان إلا بألسنتهم فظن الأولون بالله أنه يبتليهم ويفتنهم فخافوا الزلل وضعف الاحتمال ، وأمّا الآخرون فظنوا بالله ما حكى عنهم . وعن الحسن ظنوا ظنوناً مختلفة ظن المنافقون أنّ المسلمين يستأصلون ، وظنّ المؤمنون أنهم يبتلون . وقرىء « الظنون » بغير ألف في الوصل والوقف وهو القياس ، وبزيادة ألف في الوقف زادوها في الفاصلة ، كما زادها في القافية من قال @ أَقِلِّي اللَّوْمَ عَاذِلَ وَالعِتَابَا @@ وكذلك الرسولا والسبيلا . وقرىء بزيادتها في الوصل أيضاً ، إجراء له مجرى الوقف . قال أبو عبيد وهنّ كلهنّ في الإمام بألف . وعن أبي عمرو إشمام زاي زلزلوا . وقرىء « زلزالاً » بالفتح . والمعنى أنّ الخوف أزعجهم أشد الإزعاج .