Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 1-2)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ما في السمٰوات والأرض كله نعمة من الله ، وهو الحقيق بأن يحمد ويثنى عليه من أجله ، ولما قال { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } ثم وصف ذاته بالإنعام بجميع النعم الدنيوية ، كان معناه أنه المحمود على نعم الدنيا ، كما تقول أحمد أخاك الذي كساك وحملك ، تريد أحمده على كسوته وحملانه . ولما قال { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلأَخِرَةِ } علم أنه المحمود على نعم الآخرة وهو الثواب . فإن قلت ما الفرق بين الحمدين ؟ قلت أمّا الحمد في الدنيا فواجب ، لأنه على نعمة متفضل بها ، وهو الطريق إلى تحصيل نعمة الآخرة وهي الثواب . وأمّا الحمد في الآخرة فليس بواجب ، لأنه على نعمة واجبة الإيصال إلى مستحقها ، وإنما هو تتمة سرور المؤمنين وتكملة اغتباطهم يلتذون به كما يلتذ من به العطاش بالماء البارد { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } الذي أحكم أمور الدارين ودبرها بحكمته { ٱلْخَبِيرُ } بكل كائن يكون . ثم ذكرها مما يحيط به علماً { مَا يَلِجُ فِى ٱلأَرْضِ } من الغيث كقوله { فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى ٱلأَرْضِ } الزمر 21 ومن الكنوز والدفائن والأموات ، وجميع ما هي له كفات { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } من الشجر والنبات ، وماء العيون ، والغلة والدواب ، وغير ذلك { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآء } من الأمطار والثلوج والبرد والصواعق والأرزاق والملائكة وأنواع البركات والمقادير ، كما قال تعالى { وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } الذاريات 22 { وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } من الملائكة وأعمال العباد { وَهُوَ } مع كثرة نعمه وسبوغ فضله { ٱلرَّحِيمُ ٱلْغَفُورُ } للمفرطين في أداء مواجب شكرها . وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه تنزل ، بالنون والتشديد .