Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 23-23)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تقول الشفاعة لزيد ، على معنى أنه الشافع ، كما تقول الكرم لزيد وعلى معنى أنه المشفوع له ، كما تقول القيام لزيد ، فاحتمل قوله { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } أن يكون على أحد هذين الوجهين ، أي لا تنفع الشفاعة إلاّ كائنة لمن أذن له من الشافعين ومطلقة له . أو لا تنفع الشفاعة إلاّ كائنة لمن أذن له ، أي لشفيعه ، أو هي اللام الثانية في قولك أذن لزيد لعمرو ، أي لأجله ، كأنه قيل إلاّ لمن وقع الأذن للشفيع لأجله ، وهذا وجه لطيف وهو الوجه ، وهذا تكذيب لقولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله . فإن قلت بما اتصل قوله { حَتَّىٰ إِذَا فُزّعَ عَن قُلُوبِهِمْ } ولأي شيء وقعت حتى غاية ؟ قلت بما فهم من هذا الكلام من أنّ ثم انتظاراً للإذن وتوقعاً وتمهلاً وفزعاً من الراجين للشفاعة والشفعاء ، هل يؤذن لهم أو لا يؤذن ؟ وأنه لا يطلق الإذن إلاّ بعد مليِّ من الزمان ، وطول من التربص ، ومثل هذه الحال دلّ عليه قوله عزّ وجلّ { رَبّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } النبأ 37 - 38 كأنه قيل يتربصون ويتوقفون كلياً فزعين وهلين ، حتى إذا فزع عن قلوبهم ، أي كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزّة في إطلاق الإذن تباشروا بذلك وسأل بضعهم بعضاً { مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ } قال { ٱلْحَقّ } أي القول الحق ، وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى . وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم 913 " فَإذَا أُذِنَ لِمَنْ أُذنَ أَنْ يَشْفَعَ فزعْتهُ الشفاعةُ " وقرىء « أذن له » ، أي أذن له الله ، وأذن له على البناء للمفعول . وقرأ الحسن « فزع » مخففاً ، بمعنى فزع . وقرىء « فزع » ، على البناء للفاعل ، وهو الله وحده ، وفزع ، أي نفى الوجل عنها وأفنى ، من قولهم فرغ الزاد ، إذا لم يبق منه شيء . ثم ترك ذكر الوجل وأسند إلى الجار والمجرور ، كما تقول دفع إليّ زيد ، إذا علم ما المدفوع وقد تخفف ، وأصله فرغ الوجل عنها ، أي انتفى عنها ، وفني ثم حذف الفاعل وأسند إلى الجار والمجرور . وقرأ « افرنقع عن قلوبهم » ، بمعنى انكشف عنها . وعن أبي علقمة أنه هاج به المرار فالتف عليه الناس ، فلما أفاق قال ما لكم تكأكأتم عليَّ تكأكأكم على ذي جنة ؟ افرنقعوا عني . والكلمة مركبة من حروف المفارقة مع زيادة العين ، كما ركب « اقمطر » من حروف القمط ، مع زيادة الراء . وقرىء « الحق » بالرفع ، أي مقولة الحق { وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْكَبِيرُ } ذو العلو والكبرياء ، ليس لملك ولا نبيّ أن يتكلم ذلك اليوم إلاّ بإذنه ، وأن يشفع إلاّ لمن ارتضى .