Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 26-27)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي لما قتل { قِيلَ } له { ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ } وعن قتادة أدخله الله الجنة وهو فيها حيّ يرزق أراد قوله تعالى { بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ } آل عمران 169 وقيل معناه البشرى بدخول الجنة وأنه من أهلها . فإن قلت كيف مخرج هذا القول في علم البيان ؟ قلت مخرجه مخرج الاستئناف ، لأنّ هذا من مظان المسألة عن حاله عند لقاء ربه ، كأنّ قائلاً قال كيف كان لقاء ربه بعد ذلك التصلب في نصرة دينه والتسخي لوجهه بروحه ؟ فقيل قيل ادخل الجنة ولم يقل قيل له ، لاْنصباب الغرض إلى المقول وعظمه ، لا إلى القول له مع كونه معلوماً ، وكذلك { قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ } مرتب على تقدير سؤال سائل عما وجد من قوله عند ذلك الفوز العظيم ، وإنما تمنى علم قومه بحاله ، ليكون علمهم بها سبباً لاكتساب مثلها لأنفسهم ، بالتوبة عن الكفر والدخول في الإيمان والعمل الصالح المفضيين بأهلهما إلى الجنة . وفي حديث مرفوع 935 " نصح قومه حياً وميتاً " وفيه تنبيه عظيم على وجوب كظم الغيظ ، والحلم عن أهل الجهل ، والترؤف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي ، والتشمر في تخليصه والتلطف في افتدائه ، والاشتغال بذلك عن الشماتة به والدعاء عليه . ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته والباغين له الغوائل وهم كفرة عبدة أصنام . ويجوز أن يتمنى ذلك ليعلموا أنهم كانوا على خطأ عظيم في أمره ، وأنه كان على صواب ونصيحة وشفقة ، وأن عداوتهم لم تكسبه إلا فوزاً ولم تعقبه إلا سعادة ، لأنّ في ذلك زيادة غبطة له وتضاعف لذة وسرور . والأوّل أوجه . وقرىء « المكرمين » . فإن قلت ما في قوله تعالى { بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى } أي الماآت هي ؟ قلت المصدرية أو الموصولة أي بالذي غفره لي من الذنوب . ويحتمل أن تكون استفهامية يعني بأي شيء غفر لي ربي يريد به ما كان منه معهم من المصابرة لإعزاز الدين حتى قتل ، إلا أنّ قولك « بم غفر لي » بطرح الألف أجود وإن كان إثباتها جائزاً يقال قد علمت بما صنعت هذا ، أي بأي شيء صنعت وبم صنعت .