Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 53-58)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
« إلا صيحة واحدة » قرئت منصوبة ومرفوعة { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً … إِنَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِى شُغُلٍ } حكاية ما يقال لهم في ذلك اليوم . وفي مثل هذه الحكاية زيادة تصوير للموعود ، وتمكين له في النفوس ، وترغيب في الحرص عليه وعلى ما يثمره { فِى شُغُلٍ } في أي شغل وفي شغل لا يوصف ، وما ظنك بشغل من سعد بدخول الجنة التي هي دار المتقين ، ووصل إلى نيل تلك الغبطة وذلك الملك الكبير والنعيم المقيم ، ووقع في تلك الملاذ التي أعدّها الله للمرتضين من عباده ، ثواباً لهم على أعمالهم مع كرامة وتعظيم ، وذلك بعد الوله والصبابة ، والتفصي من مشاق التكليف ومضايق التقوى والخشية ، وتخطي الأهوال ، وتجاوز الأخطار وجواز الصراط . ومعاينة ما لقى العصاة من العذاب ، وعن ابن عباس في افتضاض الأبكار . وعنه في ضرب الأوتار . وعن ابن كيسان في التزاور . وقيل في ضيافة الله . وعن الحسن شغلهم عما فيه أهل النار التنعم بما هم فيه . وعن الكلبي هم في شغل عن أهاليهم من أهل النار ، لا يهمهم أمرهم ولا يذكرونهم لئلا يدخل عليهم تنغيص في نعيمهم . قرىء « في شغل » بضمتين وضمة وسكون ، وفتحتين ، وفتحة وسكون . والفاكه والفكه المتنعم والمتلذذ ومنه الفاكهة لأنها مما يتلذذ به . وكذلك الفكاهة ، وهي المزاحة . وقرىء « فاكهون » وفكهون ، بكسر الكاف وضمها ، كقولهم رجل حدث وحدث ، ونطس ونطس . وقرىء « فاكهين » وفكهين ، على أنه حال والظرف مستقر { هُمْ } يحتمل أن يكون مبتدأ وأن يكون تأكيداً للضمير في { فِى شُغُلٍ } وفي { فَـٰكِهُونَ } على أنّ أزواجهم يشاركنهم في ذلك الشغل والتفكه والاتكاء على الأرائك تحت الظلال . وقرىء « في ظلل » ، والأريكة السرير في الحجلة . وقيل الفراش فيها . وقرأ ابن مسعود « متكين » { يَدَّعُونَ } يفتعلون من الدعاء ، أي يدعون به لأنفسهم ، كقولك اشتوى واجتمل ، إذا شوى وجمل لنفسه . قال لبيد @ فَاشْتَوَى لَيْلَةَ رِيحٍ وَاجْتَمَلْ @@ ويجوز أن يكون بمعنى يتداعونه ، كقولك ارتموه ، وتراموه . وقيل يتمنون ، من قولهم ادّع عليّ ما شئت ، بمعنى تمنه عليّ ، وفلان في خير ما أدّعى ، أي في خير ما تمنّى . قال الزجاج وهو من الدعاء ، أي ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم . و « سلام » بدل مما يدعون ، كأنه قال لهم سلام يقال لهم { قَوْلاً مّن } جهة { رَّبّ رَّحِيمٍ } والمعنى أنّ الله يسلم عليهم بواسطة الملائكة ، أو بغير واسطة ، مبالغة في تعظيمهم وذلك متمناهم ، ولهم ذلك لا يمنعونه . قال ابن عباس فالملائكة يدخلون عليهم بالتحية من رب العالمين . وقيل { مَّا يَدَّعُونَ } ، مبتدأ وخبره سلام ، بمعنى ولهم ما يدعون سالم خالص لا شوب فيه . و { قَوْلاً } مصدر مؤكد لقوله تعالى { وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ سَلَـٰمٌ } أي عدة من رب رحيم . والأوجه أن ينتصب على الاختصاص ، وهو من مجازه . وقرىء « سلم » وهو بمعنى السلام في المعنيين . وعن ابن مسعود سلاماً نصب على الحال ، أي لهم مرادهم خالصاً .