Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 74-76)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اتخذوا الآلهة طمعاً في أن يتقوّوا بهم ويتعضدوا بمكانهم ، والأمر على عكس ما قدّروا حيث هم جند لآلهتهم معدّون { مُحْضَرُونَ } يخدمونهم ويذبون عنهم ، ويغضبون لهم والآلهة لا استطاعة بهم ولا قدرة على النصر ، أو اتخذوهم لينصروهم عند الله ويشفعوا لهم ، والأمر على خلاف ما توهموا ، حيث هم يوم القيامة جند معدّون لهم محضرون لعذابهم لأنهم يجعلون وقوداً للنار . وقرىء « فلا يحزنك » بفتح الياء وضمها ، من حزنه أحزنه . والمعنى فلا يهمنك تكذيبهم وأذاهم وجفاؤهم ، فإنا عالمون بما يسرون لك من عداوتهم { وَمَا يُعْلِنُونَ } وإنا مجاوزهم عليه ، فحقّ مثلك أن يتسلى بهذا الوعيد ويستحضر في نفسه صورة حاله وحالهم في الآخرة حتى ينقشع عنه الهمّ ولا يرهقه الحزن . فإن قلت ما تقول فيمن يقول إن قرأ قارىء « أنا نعلم » بالفتح انتقضت صلاته ، وإن اعتقد ما يعطيه من المعنى كفر ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما أن يكون على حذف لام التعليل ، وهو كثير في القرآن وفي الشعر ، وفي كل كلام وقياس مطرد ، وهذا معناه ومعنى الكسر سواء . وعليه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم 941 " إنّ الحمد والنعمة لك " ، كسر أبو حنيفة وفتح الشافعي ، وكلاهما تعليل . والثاني أن يكون بدلاً من { قَوْلُهُمْ } كأنه قيل فلا يحزنك ، أنا نعلم ما يسرون وما يعلنون . وهذا المعنى قائم مع المكسورة إذا جعلتها مفعولة للقول ، فقد تبين أن تعلق الحزن بكون الله عالماً وعدم تعلقه لا يدوران على كسر إن وفتحها ، وأنما يدوران على تقديرك ، فتفصل إن فتحت بأن تقدّر معنى التعليل ولا تقدّر البدل ، كما أن تفصل بتقدير معنى التعليل إذا كسرت ولا تقدّر معنى المفعولية ، ثم إن قدّرته كاسراً أو فاتحاً على ما عظم فيه الخطب ذلك القائل ، فما فيه إلا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحزن على كون الله عالماً بسرهم وعلانيتهم ، وليس النهي عن ذلك مما يوجب شيئاً ، ألا ترى إلى قوله تعالى { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لّلْكَـٰفِرِينَ } القصص 86 ، { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } القصص 87 ، { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً ءاخَرَ } القصص 88 .