Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 112-113)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ نَبِيّاً } حال مقدرة ، كقوله تعالى { فَٱدْخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ } الزمر 73 . فإن قلت فرق بين هذا وبين قوله فادخلوها خالدين وذلك أنّ المدخول موجود مع وجود الدخول ، والخلود غير موجود معهما ، فقدرت مقدرين الخلود فكان مستقيماً ، وليس كذلك المبشر به ، فإنه معدوم وقت وجود البشارة ، وعدم المبشر به فإنه معدوم وقت وجود البشارة وعدم المبشر به أوجب عدم حاله لا محالة لأنّ الحال حلية ، والحلية لا تقوم إلا بالمحلى ، وهذا المبشر به الذي هو إسحاق حين وجد لم توجد النبوّة أيضاً بوجوده ، بل تراخت عنه مدّة متطاولة ، فكيف يجعل نبياً حالاً مقدّرة ، والحال صفة الفاعل أو المفعول عند وجود الفعل منه أو به فالخلود وإن يكن صفتهم عند دخول الجنة ، فتقديرها صفتهم لأنّ المعنى مقدّرين الخلود ، وليس كذلك النبوّة فإنه لا سبيل إلى أن تكون موجودة أو مقدّرة وقت وجود البشارة بإسحاق لعدم إسحاق . قلت هذا سؤال دقيق السلك ضيق المسلك ، والذي يحل الإشكال أنه لا بدّ من تقدير مضاف محذوف ، وذلك قولك وبشرناه بوجود إسحاق نبياً ، أي بأن يوجد مقدّرة نبوّته فالعامل في الحال الوجود لا فعل البشارة ، وبذلك يرجع ، نظير قوله تعالى { فَٱدْخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ } الزمر 73 { مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } حال ثانية ، وورودها على سبيل الثناء والتقريظ لأنّ كل نبي لا بدّ أن يكون من الصالحين . وعن قتادة بشره الله بنبوّة إسحاق بعد ما امتحنه بذبحه ، وهذا جواب من يقول الذبيح إسحاق لصاحبه عن تعلقه لقوله { وَبَشَّرْنَـٰهُ بِإِسْحَـٰقَ } قالوا ولا يجوز أن يبشره الله بمولده ونبوّته معاً لأن الامتحان بذبحه لا يصحّ مع علمه بأنه سيكون نبياً { وَبَـٰرَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَـٰقَ } وقرىء « وبَرَّكْنا » أي أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا ، كقوله { وَآتَيْنَاه أَجْرَهُ فِى ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الأَخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } العنكبوت 27 وقيل باركنا على إبراهيم في أولاده ، وعلى إسحاق بأن أخرجنا أنبياء بني إسرائيل من صلبه . وقوله { وَظَـٰلِمٌ لّنَفْسِهِ } نظيره { قَالَ وَمِن ذُرّيَّتِى ؟ قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّـٰلِمِينَ } البقرة 124 وفيه تنبيه على أن الخبيث والطيب لا يجري أمرهما على العرق والعنصر ، فقد يلد البر الفاجر ، والفاجر البر . وهذا مما يهدم أمر الطبائع والعناصر ، وعلى أن الظلم في أعقابهما لم يعد عليهما بعيب ولا نقيصة ، وأنّ المرء يعاب بسوء فعله ويعاتب على ما اجترحت يداه ، لا على ما وجد من أصله أو فرعه .