Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 75-82)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر إرسال المنذرين في الأمم الخالية وسوء عاقبة المنذرين ، أتبع ذلك ذكر نوح ودعائه حين آيس من قومه ، واللام الداخلة على نعم جواب قسم محذوف ، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره فوالله لنعم المجيبون نحن . والجمع دليل العظمة والكبرياء . والمعنى إنا أجبناه أحسن الإجابة ، وأوصلها إلى مراده وبغيته من نصرته على أعدائه والانتقام منهم بأبلغ ما يكون { هُمُ ٱلْبَـٰقِينَ } هم الذين بقوا وحدهم وقد فني غيرهم ، فقد روى أنه مات كل من كان معه في السفينة غير ولده . أو هم الذين بقوا متناسلين إلى يوم القيامة . قال قتادة الناس كلهم من ذرية نوح . وكان لنوح عليه السلام ثلاثة أولاد سام ، وحام ، ويافث . فسام أبو العرب ، وفارس ، والروم ، وحام أبو السودان من المشرق إلى المغرب ، ويافث أبو الترك ويأجوج ومأجوج { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى ٱلأَخِرِينَ } من الأمم هذه الكلمة ، وهي { سَلَـٰمٌ عَلَىٰ نُوحٍ } يعني يسلمون عليه تسليماً ، ويدعون له ، وهو من الكلام المحكي ، كقولك قرأت { سُورَةٌ أَنزَلْنَـٰهَا } النور 1 فإن قلت فما معنى قوله { فِى ٱلْعَـٰلَمِينَ } ؟ قلت معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعاً ، وأن لا يخلو أحد منهم منها ، كأنه قيل ثبت الله التسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين يسلمون عليه عن آخرهم . علل مجازاة نوح عليه السلام بتلك التكرمة السنية من تبقية ذكره ، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر بأنه كان محسناً ، ثم علل كونه محسناً بأنه كان عبداً مؤمناً ، ليريك جلالة محل الإيمان ، وأنه القصارى من صفات المدح والتعظيم ، ويرغبك في تحصيله والازدياد منه .