Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 95-96)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } يعني خلقكم وخلق ما تعملونه من الأصنام ، كقوله { بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ ٱلَّذِى فطَرَهُنَّ } الأنبياء 56 أي فطر الأصنام . فإن قلت كيف يكون الشيء الواحد مخلوقاً لله معمولاً لهم ، حيث أوقع خلقه وعملهم عليها جميعاً ؟ قلت هذا كما يقال عمل النجار الباب والكرسي ، وعمل الصائغ السوار والخلخال ، والمراد عمل أشكال هذه الأشياء وصورها دون جواهرها ، والأصنام جواهر وأشكال ، فخالق جواهرها الله ، وعاملوا أشكالها الذين يشكلونها بنحتهم وحذفهم بعض أجزائها ، حتى يستوي التشكيل الذي يريدونه . فإن قلت فما أنكرت أن تكون ما مصدرية لا موصولة ، ويكون المعنى والله خلقكم وعملكم ، كما تقول المجبرة ؟ قلت أقرب ما يبطل به هذا السؤال بعد بطلانه بحجج العقل والكتاب أن معنى الآية يأباه إباء جلياً ، وينبو عنه نبوّاً ظاهراً ، وذلك أن الله عزّ وجلّ قد احتج عليهم بأنّ العابد والمعبود جميعاً خلق الله ، فكيف يعبد المخلوق المخلوق ، على أن العابد منهما هو الذي عمل صورة المعبود وشكله ، ولولاه لما قدر أن يصوّر نفسه ويشكلها ، ولو قلت والله خلقكم وخلق عملكم ، ولم يكن محتجاً عليهم ولا كان لكلامك طباق . وشيء آخر وهو أن قوله { وَمَا تَعْمَلُونَ } ترجمة عن قوله { مَا تَنْحِتُونَ } و ما في { مَا تَنْحِتُونَ } موصولة لا مقال فيها فلا يعدل بها عن أختها إلاّ متعسف متعصب لمذهبه ، من غير نظر في علم البيان ، ولا تبصر لنظم القرآن . فإن قلت اجعلها موصولة حتى لا يلزمني ما ألزمت ، وأريد وما تعملونه من أعمالكم . قلت بل الإلزامان في عنقك لا يفكهما إلاّ الإذعان للحق ، وذلك أنك جعلتها موصولة ، فإنك في إرادتك بها العمل غير محتج على المشركين ، كحالك وقد جعلتها مصدرية ، وأيضاً فأنك قاطع بذلك الصلة بين ما تعملون وما تنحتون ، حتى تخالف بين المرادين بهما فتزيد بما تنحتون الأعيان التي هي الأصنام ، وبما تعملون المعاني التي هي الأعمال وفي ذلك فك النظم وتبتيره كما إذا جعلتها مصدرية .