Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 55-61)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هَـٰذَا } أي الأمر أي هذا أو هذا كما ذكر { فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } ، كقوله { لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } الأعراف 41 شبه ما تحتهم من النار بالمهاد الذي يفترشه النائم ، أي هذا حميم فليذوقوه . أو العذاب هذا فليذوقوه ، ثم ابتدأ فقال هو { حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } أو هذا فليذوقوه بمنزلة { وَإِيَّـٰىَ فَٱرْهَبُونِ } البقرة 40 أي ليذوقوا هذا فليذوقوه ، والغساق - بالتخفيف والتشديد - ما يغسق من صديد أهل النار ، يقال غسقت العين ، إذا سال دمعها . وقيل الحميم يحرق بحرّه ، والغساق يحرق ببرده . وقيل لو قطرت منه قطره في المشرق لنتنت أهل المغرب ، ولو قطرت منه قطرة في المغرب لنتنت أهل المشرق . وعن الحسن رضي الله عنه . الغساق عذاب لا يعلمه إلا الله تعالى إن الناس أخفوا لله طاعة فأخفى لهم ثواباً في قوله { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } السجدة 17 وأخفوا معصية فأخفى لهم عقوبة { وَءَاخَرُ } ومذوقات أخر من شكل هذا المذوق من مثله في الشدة والفظاعة { أَزْوٰجٌ } أجناس . وقرىء « وآخر » أي وعذاب آخر . أو مذوق آخر . وأزواج صفة لآخر ، لأنه يجوز أن يكون ضروباً ، أو صفة للثلاثة وهي حميم وغساق وآخر من شكله . وقرىء « من شكله » بالكسر وهي لغة . وأما الغنج فالبكسر لا غير { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ } هذا جمع كثيف قد اقتحم معكم النار ، أي دخل النار في صحبتكم وقرانكم ، والاقتحام ركوب الشدة والدخول فيها . والقحمة الشدة . وهذه حكاية كلام الطاغين بعضهم مع بعض ، أي يقولون هذا . والمراد بالفوج أتباعهم الذين اقتحموا معهم الضلالة ، فيقتحمون معهم العذاب { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ } دعاء منهم على أتباعهم . تقول لمن تدعو له مرحباً ، أي أتيت رحباً من البلاد لا ضيقاً أو رحبت بلادك رحباً ، ثم تدخل عليه « لا » في دعاء السوء . و { بِهِمْ } بيان للمدعو عليهم { إِنَّهُمْ صَالُواْ ٱلنَّارِ } تعليل لاستيجابهم الدعاء عليهم . ونحوه قوله تعالى { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } الأعراف 38 وقيل هذا فوج مقتحم معكم كلام الخزنة لرؤساء الكفرة في أتباعهم . و { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ ٱلنَّارِ } كلام الرؤوساء . وقيل هذا كله كلام الخزنة { وقَالُواْ } أي الأتباع { بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ } يريدون الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحقّ به ، وعللوا ذلك بقولهم { أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا } والضمير للعذاب أو لصليهم . فإن قلت ما معنى تقديمهم العذاب لهم ؟ قلت المقدم هو عمل السوء . قال الله تعالى { وذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } الأنفال50 - 51 ولكن الرؤوساء لما كانوا السبب فيه بإغوائهم وكان العذاب جزاءهم عليه ، قيل أنتم قدمتموه لنا ، فجعل الرؤوساء هم المقدمين وجعل الجزاء هو المقدّم ، فجمع بين مجازين لأن العاملين هم المقدمون في الحقيقة لا رؤساؤهم ، والعمل هو المقدم لا جزاؤه . فإن قلت فالذي جعل قوله { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ } من كلام الخزنة ما يصنع بقوله { بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ } والمخاطبون - أعني رؤسائهم - لم يتكلموا بما يكون هذا جواباً لهم ؟ قلت كأنه قيل هذا الذي دعا به علينا الخزنة أنتم يا رؤساء أحقّ به منا لإغوائكم إيانا وتسببكم فيما نحن فيه من العذاب ، وهذا صحيح كما لو زين قوم لقوم بعض المساوي فارتكبوه فقيل للمزينين أخزى الله هؤلاء ما أسوأ فعلهم ؟ فقال المزين لهم للمزينين بل أنتم أولى بالخزي منا ، فلولا أنتم لم نرتكب ذلك { وقَالُواْ } هم الأتباع أيضاً { فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً } أي مضاعفاً ، ومعناه ذا ضعف ونحوه قوله تعالى { رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَـئَاتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا } الأعراف 38 وهو أن يزيد على عذابه مثله فيصير ضعفين ، كقوله عزّ وجلّ { رَبَّنَا ءاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } الأحزاب 68 وجاء في التفسير { عَذَاباً ضِعْفاً } حيات وأفاعي .