Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 29-30)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
واضرب لقومك مثلاً ، وقل لهم ما تقولون في رجل من المماليك قد اشترك فيه شركاء بينهم اختلاف وتنازع كل واحد منهم يدعي أنه عبده ، فهم يتجاذبونه ويتعاورونه في مهن شتى ومشادة ، وإذا عنت له حاجة تدافعوه ، فهو متحير في أمره سادر قد تشعبت الهموم قلبه وتوزعت أفكاره ، لا يدري أيهم يرضى بخدمته ؟ وعلى أيهم يعتمد في حاجاته . وفي آخر قد سلم لمالك واحد وخلص له ، فهو معتنق لما لزمه من خدمته ، معتمد عليه فيما يصلحه ، فهمه واحد وقلبه مجتمع ، أيُّ هذين العبدين أحسن حالاً وأجمل شأناً ؟ والمراد تمثيل حال من يثبت آلهة شتى ، وما يلزمه على قضية مذهبه من أن يدعي كل واحد منهم عبوديته ، ويتشاكسوا في ذلك ويتغالبوا ، كما قال تعالى { وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } المؤمنون 91 ويبقى هو متحيراً ضائعاً لا يدري أيهم يعبد ؟ وعلى ربوبية أيهم يعتمد ؟ وممن يطلب رزقه ؟ وممن يلتمس رفقه ؟ فهمه شعاع وقلبه أو زاع ، وحال من لم يثبت إلا إلـٰهاً واحداً ، فهو قائم بما كلفه ، عارف بما أرضاه وما أسخطه ، متفضل عليه في عاجله ، مؤمل للثواب من آجله . و { فِيهِ } صلة شركاء ، كما تقول اشتركوا فيه . والتشاكس والتشاخس الاختلاف ، تقول تشاكست أحواله ، وتشاخست أسنانه ، سالماً لرجل خالصاً . وقرىء « سلماً » بفتح الفاء والعين ، وفتح الفاء وكسرها مع سكون العين ، وهي مصادر سلم . والمعنى ذا سلامة لرجل ، أي ذا خلوص له من الشركة ، من قولهم سلمت له الضيعة . وقرىء بالرفع على الابتداء ، أي وهناك رجل سالم لرجل ، وإنما جعله رجلاً ليكون أفطن لما شقي به أو سعد ، فإن المرأة والصبي قد يغفلان عن ذلك { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً } هل يستويان صفة على التمييز ، والمعنى هل يستوي صفتاهما وحالاهما ، وإنما اقتصر في التمييز على الواحد لبيان الجنس . وقرىء « مثلين » كقوله تعالى { وَأَكْثَرَ أَمْوٰلاً وَأَوْلَـٰدًا } التوبة 69 مع قوله { أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } ويجوز فيمن قرأ مثلين ، أن يكون الضمير في { يَسْتَوِيانِ } للمثلين ، لأن التقدير مثل رجل ومثل رجل . والمعنى هل يستويان فيما يرجع إلى الوصفية ، كما تقول كفى بهما رجلين { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } الواحد الذي لا شريك له دون كل معبود سواه ، أي يجب أن يكون الحمد متوجهاً إليه وحده والعبادة ، فقد ثبت أنه لا إلـٰه إلاّ هو { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } فيشركون به غيره .