Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 31-32)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كانوا يتربصون برسول الله صلى الله عليه وسلم موته ، فأخبر أن الموت يعمهم ، فلا معنى للتربص ، وشماتة الباقي بالفاني . وعن قتادة نعى إلى نبيه نفسه ، ونعى إليكم أنفسكم . وقرىء « مائت ومائتون » والفرق بين الميت والمائت أنّ الميت صفة لازمة كالسيد . وأما المائت ، فصفة حادثة تقول زيد مائت غداً ، كما تقول سائد غداً ، أي سيموت وسيسود . وإذا قلت زيد ميت ، فكما تقول حي في نقيضه ، فيما يرجع إلى اللزوم والثبوت . والمعنى في قوله { إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ } إنك وإياهم ، وإن كنتم أحياء فأنتم في عداد الموتى لأنّ ما هو كائن فكأن قد كان { ثُمَّ إِنَّكُمْ } ثم إنك وإياهم ، فغلب ضمير المخاطب على ضمير الغيب { تَخْتَصِمُونَ } فتحتج أنت عليهم بأنك بلغت فكذبوا ، فاجتهدت في الدعوة فلجوا في العناد ، ويعتذرون بما لا طائل تحته ، تقول الأتباع أطعنا سادتنا وكبراءنا ، وتقول السادات أغوتنا الشياطين وآباؤنا الأقدمون وقد حمل على اختصام الجميع وأنّ الكفار يخاصم بعضهم بعضاً ، حتى يقال لهم { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ } قۤ 28 والمؤمنون الكافرين يبكتونهم بالحجج ، وأهل القبلة يكون بينهم الخصام . قال عبد الله بن عمر 967 لقد عشنا برهة من دهرنا وديننا ونحن نرى أنّ هذه الآية أنزلت فينا وفي أهل الكتاب ؟ قلنا كيف تختصم ونبينا واحد وديننا واحد وكتابنا واحد ؟ حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف ، فعرفت أنها أنزلت فينا . وقال أبو سعيد الخدري كنا نقول ربنا واحد ونبينا واحد وديننا واحد ، فما هذه الخصومة ؟ فلما كان يوم صفّين وشدّ بعضنا على بعض بالسيوف ، قلنا نعم هو هذا . وعن إبراهيم النخعي قالت الصحابة ما خصومتنا ونحن إخوان ؟ فلما قتل عثمان رضي الله عنه قالوا هذه خصومتنا . وعن أبي العالية نزلت في أهل القبلة . والوجه الذي يدلّ عليه كلام الله هو ما قدمت أولاً . ألا ترى إلى قوله تعالى { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ } وقوله تعالى { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } الزمر 33 وما هو إلا بيان وتفسير للذين يكون بينهم الخصومة { كَذَبَ علَى ٱللَّهِ } افترى عليه بإضافة الولد والشريك إليه { وَكَذَّبَ بِٱلصّدْقِ } بالأمر الذي هو الصدق بعينه ، وهو ماء جاء به محمد صلى الله عليه وسلم { إِذْ جَاءهُ } فاجأه بالتكذيب لما سمع به من غير وقفة ، لإعمال روية واهتمام بتمييز بين حق وباطل ، كما يفعل أهل النصفة فيما يسمعون { مَثْوًى لّلْكَـٰفِرِينَ } أي لهؤلاء الذين كذبوا على الله وكذبوا بالصدق ، واللام في { لِلْكَـٰفِرِينَ } إشارة إليهم .