Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 12-12)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ } منكم أو من غيركم . جعلت المرأة على النصف من الرجل بحق الزواج ، كما جعلت كذلك بحق النسب . والواحدة والجماعة سواء في الربع والثمن { وَإِن كَانَ رَجُلٌ } يعني الميت . و { يُورَثُ } من ورث ، أي يورث منه وهو صفة لرجل . و { كَلَـٰلَةً } خبر كان ، أي وإن كان رجل موروث منه كلالة ، أو يجعل يورث خبر كان ، وكلالة حالاً من الضمير في يورث . وقرىء « يُورِث » و « يُورّث » بالتخفيف والتشديد على البناء للفاعل ، وكلالة حال أو مفعول به . فإن قلت ما الكلالة ؟ قلت ينطلق على ثلاثة على من لم يخلف ولداً ولا والداً ، وعلى من ليس بولد ولا والد من المخلفين ، وعلى القرابة من غير جهة الولد والوالد . ومنه قولهم ما ورث المجد عن كلالة ، كما تقول ما صمت عن عيّ ، وما كف عن جبن . والكلالة في الأصل مصدر بمعنى الكلال ، وهو ذهاب القوّة من الإعياء . قال الأعشى @ فَآلَيْتُ لاَ أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلاَلَةٍ @@ فاستعيرت للقرابة من غير جهة الولد والوالد ، لأنها بالإضافة إلى قرابتهما كالة ضعيفة ، وإذا جعل صفة للموروث أو الوارث فبمعنى ذي كلالة . كما تقول فلان من قرابتي ، تريد من ذوي قرابتي . ويجوز أن تكون صفة كالهجاجة والفقاقة للأحمق . فإن قلت فإن جعلتها اسماً للقرابة في الآية فعلام تنصبها ؟ قلت على أنها مفعول له أي يورث لأجل الكلالة أو يورث غيره لأجلها ، فإن قلت فإن جعلت يورث على البناء للمفعول من أورث ، فما وجهه ؟ قلت الرجل حينئذٍ هو الوارث لا الموروث . فإن قلت فالضمير في قوله { فَلِكُلِّ وٰحِدٍ مّنْهُمَا } إلى من يرجع حيئنئذٍ ؟ قلت إلى الرجل وإلى أخيه أو أخته ، وعلى الأول إليهما . فإن قلت إذا رجع الضمير إليهما أفاد استواءهما في حيازة السدس من غير مفاضلة الذكر الأنثى ، فهل تبقى هذه الفائدة قائمة في هذا الوجه ؟ قلت نعم ، لأنك إذا قلت السدس له أو لواحد من الأخ أو الأخت على التخيير فقد سوّيت بين الذكر والأنثى . وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أنه سئل عن الكلالة فقال أقول فيه برأيي ، فإن كان صواباً فمن الله ، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله منه بريء . الكلالة ما خلا الولد والوالد . وعن عطاء والضحاك أنّ الكلالة هو الموروث . وعن سعيد بن جبير هو الوارث ، . وقد أجمعوا على أنّ المراد أولاد الأم . وتدل عليه قراءة أبيّ « وله أخ أو أخت من الأم » . وقراءة سعد بن أبي وقاص « وله أخ أو أخت من أم » . وقيل إنما استدل على أن الكلالة هٰهنا الإخوة للأم خاصة بما ذكر في آخر السورة من أنّ للأختين الثلثين وأنّ للإخوة كل المال ، فعلم هٰهنا ـــ لما جعل للواحد السدس ، وللاثنين الثلث ، ولم يزادوا على الثلث شيئاً ـــ أنه يعني بهم الإخوة للأم ، وإلا فالكلالة عامة لمن عدا الولد والوالد من سائر الإخوة الأخياف والأعيان وأولاد العلات وغيرهم { غَيْرَ مُضَارٍّ } حال ، أي يوصي بها وهو غير مضارّ لورثته وذلك أن يوصي بزيادة على الثلث ، أو يوصي بالثلث فما دونه ، ونيته مضارّة ورثته ومغاضبتهم لا وجه الله تعالى . وعن قتادة كره الله الضرار في الحياة وعند الممات ونهى عنه . وعن الحسن المضارة في الدين أن يوصي بدين ليس عليه ومعناه الإقرار { وَصِيَّةً مّنَ ٱللَّهِ } مصدر مؤكد ، أي يوصيكم بذلك وصية ، كقوله { فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ } النساء 11 ويجوز أن تكون منصوبة بغير مضار ، أي لا يضار وصية من الله وهو الثلث فما دونه بزيادته على الثلث أو وصية من الله بالأولاد وأن لا يدعهم عالة بإسرافه في الوصية . وينصر هذا الوجه قراءة الحسن « غير مضارّ وصية من الله » بالإضافة { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بمن جار أو عدل في وصيته { حَلِيمٌ } عن الجائر لا يعالجه . وهذا وعيد . فإن قلت في { يُوصَىٰ } ضمير الرجل إذا جعلته الموروث ، فكيف تعمل إذا جعلته الوارث ؟ قلت كما علمت في قوله تعالى { فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } النساء 11 لأنه علم أن التارك والموصي هو الميت . فإن قلت فأين ذو الحال فيمن قرأ « يوصى بها » على ما لم يسم فاعله ؟ قلت يضمر يوصى فينتصب عن فاعله لأنه لما قيل { يُوصِى بِهَا } علم أن ثم موصياً ، كما قال { يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوّ وَٱلاْصَالِ رجال } النور 36 على ما لم يسمّ فاعله ، فعلم أن ثم مسبحاً ، فأضمر يسبح فكما كان رجال فاعل ما يدل عليه يسبح ، كان غير مضارّ حالاً عما يدل عليه يوصى بها .