Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 60-63)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روي 288 أن بشراً المنافق خاصم يهودياً فدعاه اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ، ثم إنهما احتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقضى لليهودي فلم يرض المنافق وقال تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب . فقال اليهودي لعمر قضى لنا رسول الله فلم يرض بقضائه . فقال للمنافق أكذلك ؟ قال نعم . فقال عمر مكانكما حتى أخرج إليكما فدخل عمر فاشتمل على سيفه ، ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى برد ثم قال هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله ، فنزلت . وقال جبريل إنّ عمر فرق بين الحق والباطل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « أنت الفاروق » . والطاغوت كعب بن الأشرف ، سماه الله طاغوتاً لإفراطه في الطغيان وعداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم . أو على التشبيه بالشيطان والتسمية باسمه . أو جعل اختيار التحاكم إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم على التحاكم إليه تحاكماً إلى الشيطان ، بدليل قوله { وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَن يُضِلَّهُمْ } . وقرىء { بِمَا أنزَلَ … وَمَا أَنَزلَ } على البناء للفاعل . وقرأ عباس بن الفضل « أن يكفروا بها » ، ذهاباً بالطاغوت إلى الجمع ، كقوله { أَوْلِيَاؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ يُخْرِجُونَهُم } البقرة 257 وقرأ الحسن « تعالوا » بضم اللام على أنه حذف اللام من تعاليت تخفيفاً ، كما قالوا ما باليت به بالة ، وأصلها بالية كعافية ، وكما قال الكسائي في آية إن أصلها آيية فاعلة ، فحذفت اللام ، فلما حذفت وقعت واو الجمع بعد اللام من تعال فضمت ، فصار تعالوا ، نحو تقدموا . ومنه قول أهل مكة تعالي ، بكسر اللام للمرأة ، وفي شعر الحمداني @ تَعَالِي أُقَاسِمْكِ الهمُومَ تَعَالِي @@ والوجه فتح اللام { فَكَيْفَ } يكون حالهم ، وكيف يصنعون ؟ يعني أنهم يعجزون عند ذلك فلا يصدرون أمراً ولا يوردونه { إِذَا أَصَـٰبَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من التحاكم إلى غيرك واتهامهم لك في الحكم { ثُمَّ جَاؤك } حين يصابون فيعتذرون إليك { يَحْلِفُونَ } ما أردنا بتحاكمنا إلى غيرك { إِلاَّ إِحْسَاناً } لا إساءة { وَتَوْفِيقاً } بين الخصمين ، ولم يرد مخالفة لك ولا تسخطاً لحكمك ، ففرج عنا بدعائك وهذا وعيد لهم على فعلهم ، وأنهم سيندمون عليه حين لا ينفعهم الندم . ولا يغني عنهم الاعتذار عند حلول بأس الله . وقيل جاء أولياء المنافق يطلبون بدمه وقد أهدره الله فقالوا ما أردنا بالتحاكم إلى عمر إلا أن يحسن إلى صاحبنا بحكومة العدل والتوفيق بينه وبين خصمه ، وما خطر ببالنا أنه يحكم له بما حكم به { فَأَعْرَضْ عَنْهُمْ } لا تعاقبهم لمصلحة في استبقائهم ، ولا تزد على كفهم بالموعظة والنصيحة عما هم عليه { وَقُل لَّهُمْ فِى أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } بالغ في وعظهم بالتخفيف والإنذار . فإن قلت بم تعلق قوله { فِى أَنفُسِهِمْ } ؟ قلت بقوله بليغاً أي قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم مؤثراً في قلوبهم يغتمون به اغتماماً ، ويستشعرون منه الخوف استشعاراً ، وهو التوعد بالقتل والاستئصال إن نجم منهم النفاق وأطلع قرنه ، وأخبرهم أن ما في نفوسهم من الدغل والنفاق معلوم عند الله ، وأنه لا فرق بينكم وبين المشركين ، وما هذه المكافة إلا لإظهاركم الإيمان وإسراركم الكفر وإضماره ، فإن فعلتم ما تكشفون به غطاءكم لم يبق إلا السيف . أو يتعلق بقوله { قُلْ لَهُمْ } أي قل لهم في معنى أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المطوية على النفاق قولاً بليغاً ، وأنّ الله يعلم ما في قلوبكم لا يخفي عليه فلا يغني عنكم إبطانه . فأصلحوا أنفسكم وطهروا قلوبكم وداووها من مرض النفاق ، وإلا أنزل الله بكم ما أنزل بالمجاهرين بالشرك من انتقامه ، وشراً من ذلك وأغلظ . أو قل لهم في أنفسهم - خالياً بهم ، ليس معهم غيرهم ، مسارًّا لهم بالنصيحة ، لأنه في السر أنجع ، وفي الإمحاض أدخل { قولاً بليغاً } يبلغ منهم ويؤثر فيهم .