Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 78-79)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرىء « يدركُكم » بالرفع وقيل هو على حذف الفاء ، كأنه قيل فيدرككم الموت ، وشبه بقول القائل @ مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ للَّهُ يَشْكُرُهَا @@ ويجوز أن يقال حمل على ما يقع موقع { أَيْنَمَا تَكُونُواْ } ، وهو أينما كنتم ، كما حمل « ولا ناعب » ، على ما يقع موقع ليسوا مصلحين وهو ليسوا بمصلحين ، فرفع كما رفع زهير @ يَقُولُ لاَ غَائِبٌ مَالِي وَلاَ حَرِمُ @@ وهو قول نحوي سيبوي . ويجوز أن يتصل بقوله { وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً } أي ولا تنقصون شيئاً مما كتب من آجالكم . أينما تكونوا في ملاحم حروب أو غيرها ، ثم ابتدأ قوله { يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } والوقف على هذا الوجه على أينما تكونوا . والبروج الحصون . مشيدة مرفعة . وقرىء « مشيَّدة » من شاد القصر إذا رفعه أو طلاه بالشيد وهو الجصّ . وقرأ نعيم بن ميسرة « مشيدة » بكسر الياء وصفاً لها بفعل فاعلها مجازاً كما قالوا قصيدة شاعرة ، وإنما الشاعر قارضها . السيئة تقع على البلية والمعصية . والحسنة على النعمة والطاعة . قال الله تعالى { وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } الأعراف 198 وقال { إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْن السيآت } هود 114 . والمعنى وإن تصبهم نعمة من خصب ورخاء نسبوها إلى الله ، وإن تصبهم بلية من قحط وشدة أضافوها إليك وقالوا هي من عندك ، وما كانت إلا بشؤمك ، كما حكى الله عن قوم موسى { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ } الأعراف 131 وعن قوم صالح { قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ } النمل 47 وروي عن اليهود ـــ لعنت ـــ أنها تشاءمت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا منذ دخل المدينة نقصت ثمارها وغلت أسعارها ، فردّ الله عليهم { قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } يبسط الأرزاق ويقبضها على حسب المصالح { لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً } فيعلموا أن الله هو الباسط القابض ، وكل ذلك صادر عن حكمة وصواب ثم قال { مَا أَصَابَكَ } يا إنسان خطاباً عاماً { مِنْ حَسَنَةٍ } أي من نعمة وإحسان { فَمِنَ ٱللَّهِ } تفضلاً منه وإحساناً وامتناناً وامتحاناً { وَمَا أَصَـٰبَكَ مِن سَيّئَةٍ } أي من بلية ومصيبة { فمن نفسك } ، لأنك السبب فيها بما اكتسبت يداك { وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِير } الشورى 30 وعن عائشة رضي الله عنها " ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب ، حتى الشوكة يشاكها ، وحتى انقطاع شسع نعله إلا بذنب ، وما يعفو الله أكثر " { وَأَرْسَلْنَـٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً } أي رسولاً للناس جميعاً لست برسول العرب وحدهم ، أنت رسول العرب والعجم ، كقوله { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ } سبأ 28 ، { قُلْ ياأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } الأعراف 158 ، { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } على ذلك ، فما ينبغي لأحد أن يخرج عن طاعتك واتباعك .