Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 28-28)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ } وقرىء « رجل » بسكون الجيم كما يقال عضد ، في عضد وكان قبطيا ابن عم لفرعون آمن بموسى سراً وقيل كان إسرائيلياً و { مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ } صفة لرجل . و صلة ليكتم ، أي يكتم إيمانه من آل فرعون ، واسمه سمعان أو حبيب وقيل خربيل أو حزبيل والظاهر أنه كان من آل فرعون فإنّ المؤمنين من بني إسرائيل لم يقلّوا ولم يعزُّوا . والدليل عليه قول فرعون { أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } غافر 25 . وقول المؤمن { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَاءنَا } غافر 29 دليل ظاهر على أنه يتنصَّح لقومه { أَن يَقُولَ } لأن يقول ، وهذا إنكار منه عظيم وتبكيت شديد ، كأنه قال أترتكبون الفعلة الشنعاء التي هي قتل نفس محرمة ، وما لكم علة قط في ارتكابها إلاّ كلمة الحق التي نطق بها وهي قوله { رَبّىَ ٱللَّهُ } مع أنه لم يحضر لتصحيح قوله بينة واحدة ، ولكن بينات عدّة من عند من نسب إليه الربوبية ، وهو ربكم لا ربه وحده ، وهو استدراج لهم إلى الاعتراف به ، وليلين بذلك جماحهم ويكسر من سورتهم ، ولك أن تقدر مضافاً محذوفاً ، أي وقت أن يقول . والمعنى أتقتلونه ساعة سمعتم منه هذاالقول من غير روية ولا فكر في أمره . وقوله { بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } يريد بالبينات العظيمة التي عهدتموها وشهدتموها ، ثم أخذهم بالاحتجاج على طريقة التقسيم فقال لا يخلو من أن يكون كاذباً أو صادقاً ، { فإِن يَكُ كَـٰذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ } أي يعود عليه كذبه ولا يتخطاه ضرره ، { وَإِن يَكُ صَـٰدِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ } ما يعدكم إن تعرّضتم له . فإن قلت لم قال بعض { ٱلَّذِى يَعِدُكُمْ } وهو نبيّ صادق ، لا بد لما يعدهم أن يصيبهم كله لا بعضه قلت لأنه احتاج في مقاولة خصوم موسى ومنا كريه إلى أن يلاوصهم ويداريهم ، ويسلك معهم طريق الإنصاف في القول ، ويأتيهم من وجهة المناصحة ، فجاء بما علم أنه أقرب إلى تسليمهم لقوله ، وأدخل في تصديقهم له وقبولهم منه ، فقال { وَإِن يَكُ صَـٰدِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِى يَعِدُكُمْ } وهو كلام المنصف في مقاله غير المشتط فيه ، ليسمعوا منه ولا يردّوا عليه ، وذلك أنه حين فرضه صادقاً فقد أثبت أنه صادق في جميع ما يعد ، ولكنه أردفه { يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِى يَعِدُكُمْ } ليهضمه بعض حقه في ظاهر الكلام ، فيريهم أنه ليس بكلام من أعطاه حقه وافياً ، فضلاً أن يتعصب له ، أو يرمي بالحصا من ورائه ، وتقديم الكاذب على الصادق أيضاً من هذا القبيل ، وكذلك قوله { إِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } . فإن قلت فعن أبي عبيدة أنه فسر البعض بالكل ، وأنشد بيت لبيد @ تَرَّاكُ امْكِنَةٍ إذَا لَمْ أَرْضَهَا أَوْ يَرْتَبِطْ بَعْضُ النُّفُوسِ حِمَامَهَا @@ قلت إن صحت الرواية عنه ، فقد حق فيه قول المازني في مسألة العلقي كان أجفى من أن يفقه ما أقول له { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } يحتمل أنه إن كان مسرفاً كذاباً خذله الله وأهلكه ولم يستقم له أمر ، فيتخلصون منه ، وأنه لو كان مسرفاً كذاباً لما هداه الله للنبوّة ، ولما عضده بالبينات . وقيل ما تولى أبو بكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أشدّ من ذلك 981 طاف صلى الله عليه وسلم بالبيت ، فلقوه حين فرغ ، فأخذوا بمجامع ردائه فقالوا له أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا ، فقال أنا ذاك ، فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فالتزمه من ورائه وقال أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ، وقد جاءكم بالبينات من ربكم ، رافعاً صوته بذلك ، وعيناه تسفحان ، حتى أرسلوه . وعن جعفر الصادق إنّ مؤمن آل فرعون قال ذلك سراً ، وأبو بكر قاله ظاهراً .