Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 15-16)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } أي تعظموا فيها على أهلها بما لا يستحقون به التعظيم وهو القوّة وعظم الأَجرام . أو استعلوا في الأرض واستولوا على أهلها بغير استحقاق للولاية { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } كانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم ، وبلغ من قوّتهم أن الرجل كان ينزع الصخرة من الجبل فيقتلعها بيده . فإن قلت القوّة هي الشدّة والصلابة في البنية ، وهي نقيضة الضعف . وأما القدرة فما لأجله يصحّ الفعل من الفاعل من تميز بذات أو بصحة بنيه وهي نقيضة العجز والله سبحانه وتعالى لا يوصف بالقوّة إلاّ على معنى القدرة ، فكيف صحّ قوله { هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } وإنما يصحّ إذا أريد بالقوّة في الموضعين شيء واحد ؟ قلت القدرة في الإنسان هي صحة البنية والاعتدال والقوّة والشدّة والصلابة في البنية ، وحقيقتها زيادة القدرة ، فكما صحّ أن يقال الله أقدر منهم ، جاز أن يقال أقوى منهم ، على معنى أنه يقدر لذاته على ما لا يقدرون عليه بازدياد قدرهم { يَجْحَدُونَ } كانوا يعرفون أنها حق ، ولكنهم جحدوها كما يجحد المودع الوديعة ، وهو معطوف على فاستكبروا ، أي كانوا كفرة فسقة . الصرصر العاصفة التي تصرصر ، أي تصوّت في هبوبها . وقيل الباردة التي تحرق بشدّة بردها ، تكرير لبناء الصر وهو البرد الذي يصر أي يجمع ويقبض « نحسات » قرىء بكسر الحاء وسكونها . ونحس نحساً نقيض سعد سعداً ، وهو نحس . وأما نحس ، فإمّا مخفف نحس ، أو صفة على فعل ، كالضخم وشبهه . أو وصف بمصدر . وقرىء « لتذيقهم » على أنّ الإذاقة للريح أو للأيام النحسات . وأضاف العذاب إلى الخزي وهو الذل والاستكانة على أنه وصف للعذاب ، كأنه قال عذاب خزي ، كما تقول فعل السوء ، تريد الفعل السيء ، والدليل عليه قوله تعالى { وَلَعَذَابُ ٱلأَخِرَةِ أَخْزَىٰ } وهو من الإسناد المجازي ، ووصف العذاب بالخزي أبلغ من وصفهم به . ألا ترى إلى البون بين قوليك هو شاعر ، وله شعر شاعر .