Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 13-14)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ } بعد ما تتلو عليهم من هذه الحجج على وحدانيته وقدرته ، فحذرهم أن تصيبهم صاعقة ، أي عذاب شديد الوقع كأنه صاعقة . وقرىء « صعقة » مثل صعقة عاد وثمود وهي المرة من الصعق أو الصعق . يقال صعقته الصاعقة صعقاً فصعق صعقاً ، وهو من باب فعلته ففعل { مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أي أتوهم من كل جانب ، واجتهدوا بهم وأعملوا فيهم كل حيلة ، فلم يروا منهم إلاّ العتوّ والإعراض ، كما حكى الله تعالى عن الشيطان { لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } الأعراف 17 يعني لآتينهم من كل جهة ، ولأعملن فيهم كل حيلة ، وتقول استدرت بفلان من كل جانب ، فلم يكن لي فيه حيلة . وعن الحسن أنذروهم من وقائع الله فيمن قبلهم من الأمم وعذاب الآخرة لأنهم إذا حذروهم ذلك فقد جاؤهم بالوعظ من جهة الزمن الماضي وما جرى فيه على الكفار ، ومن جهة المستقبل وما سيجري عليهم . وقيل معناه إذ جاءتهم الرسل من قبلهم ومن بعدهم . فإن قلت الرسل الذين من قبلهم ومن بعدهم كيف يوصفون بأنهم جاؤهم ، وكيف يخاطبونهم بقولهم إنا بما أرسلتم به كافرون ؟ قلت قد جاءهم هود وصالح داعيين إلى الإيمان بهما وبجميع الرسل ممن جاء من بين أيديهم ، أي من قبلهم وممن يجيء من خلفهم ، أي من بعدهم فكان الرسل جميعاً قد جاؤهم . وقولهم إنا بما أرسلتم به كافرون خطاب منهم لهود وصالح ولسائر الأنبياء الذين دعوا إلى الإيمان بهم . أن في { أَلاَّ تَعْبُدُواْ } بمعنى أي ، أو مخففة من الثقيلة ، أصله بأنه لا تعبدوا ، أي بأنّ الشأن والحديث قولنا لكم لا تعبدوا ، ومفعول شاء محذوف أي { لَوْ شَاء رَبُّنَا } إرسال الرسل { لأَنزَلَ مَلَـٰئِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَـٰفِرُونَ } معناه فإذا أنتم بشر ولستم بملائكة ، فإنا لا نؤمن بكم وبما جئتم به ، وقولهم { أُرْسِلْتُمْ بِهِ } ليس بإقرار بالإرسال ، وإنما هو على كلام الرسل ، وفيه تهكم ، كما قال فرعون { إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } الشعراء 27 . روى985 أنّ أبا جهل قال في ملأ من قريش قد التبس علينا أمر محمد ، فلو التمستم لنا رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم أتانا ببيان عن أمره ، فقال عتبة بن ربيعة والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر وعلمت من ذلك علماً ، وما يخفى عليّ ، فأتاه فقال أنت يا محمد خير أم هاشم ؟ أنت خير أم عبد المطلب ؟ أنت خير أم عبد الله ؟ فبم تشتم آلهتنا وتضلّلنا ، فإن كنت تريد الرياسة عقدنا لك اللواء فكنت رئيسنا ، وإن تك بك الباءة زوّجناك عشر نسوة تختار من أي بنات قريش شئت ، وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت فلما فرغ قال بسم الله الرحمٰن الرحيم { حـمۤ } إلى قوله { صَـٰعِقَةً مّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } فصلت 13 فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم ، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش فلما احتبس عنهم قالوا ما نرى عتبة إلاّ قد صبأ ، فانطلقوا إليه وقالوا يا عتبة ما حبسك عنا إلاّ أنك قد صبأت ، فغضب وأقسم لا يكلم محمداً أبداً ثم قال والله لقد كلمته فأجابني بشيء و الله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر ، ولما بلغ صاعقة عاد وثمود أمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن يكف ، وقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب ، فخفت أن ينزل بكم العذاب .