Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 12-14)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
و { ٱلأَزْوٰجَ } الأصناف { مَا تَرْكَبُونَ } أي تركبونه . فإن قلت يقال ركبوا الأنعام وركبوا في الفلك . وقد ذكر الجنسين فكيف قال ما تركبونه ؟ قلت غلب المتعدّي بغير واسطة ، لقوّته على المتعدّي بواسطة ، فقيل تركبونه { عَلَىٰ ظُهُورِهِ } على ظهور ما تركبونه وهو الفلك والأنعام . ومعنى ذكر نعمة الله عليهم أن يذكروها في قلوبهم معترفين بها مستعظمين لها ، ثم يحمدوا عليها بألسنتهم ، وهو ما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم 1002 أنه كان إذا وضع رجله في الركاب قال " بسم الله " فإذا استوى على الدابة قال " الحمد لله على كل حال ، سبحان الذي سخر لنا هذا … إلى قوله لمنقلبون " وكبر ثلاثاً وهلل ثلاثاً . وقالوا إذا ركب في السفينة قال { بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } هود 41 وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه رأى رجلاً يركب دابة فقال سبحان الذي سخر لنا هذا . فقال أبهذا أمرتم ؟ فقال وبم أمرنا ؟ قال أن تذكروا نعمة ربكم ، كان قد أغفل التحميد فنبهه عليه . وهذا من حسن مراعاتهم لأداب الله ومحافظتهم على دقيقها وجليلها . جعلنا الله من المقتدين بهم ، والسائرين بسيرتهم ، فما أحسن بالعاقل النظر في لطائف الصناعات ، فكيف بالنظر في لطائف الديانات ؟ { مُقْرِنِينَ } مطيقين . يقال أقرن الشيء ، إذا أطاقه . قال ابن هرمة @ وَأَقْرَنْتُ مَا حَمَّلَتْنِي وَلَقَلَّمَا يُطَاقُ احْتِمَالُ الصَّدِّ يَا دَعْدُ وَالْهَجْرُ @@ وحقيقة « أقرنه » وجده قرينته وما يقرن به لأنّ الصعب لا يكون قرينة للضعيف . ألا ترى إلى قولهم في الضعيف لا يقرن به الصعبة . وقرىء « مقرنين » والمعنى واحد . فإن قلت كيف اتصل بذلك قوله { وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } ؟ قلت كم من راكب دابة عثرت به أو شمست أو تقحمت أو طاح من ظهرها فهلك ، وكم من راكبين في سفينة انكسرت بهم فغرقوا فلما كان الركوب مباشرة أمر مخطر ، واتصالاً بسبب من أسباب التلف كان من حق الراكب وقد اتصل بسبب من أسباب التلف أن لا ينسى عند اتصاله به يومه ، وأنه هالك لا محالة فمنقلب إلى الله غير منفلت من قضائه ، ولا يدع ذكر ذلك بقلبه ولسانه حتى يكون مستعداً للقاء الله بإصلاحه من نفسه ، والحذر من أن يكون ركوبه ذلك من أسباب موته في علم الله وهو غافل عنه ، ويستعيذ بالله من مقام من يقول لقرنائه تعالوا نتنزه على الخيل أو في بعض الزوارق فيركبون حاملين مع أنفسهم أواني الخمر والمعازف ، فلا يزالون يسقون حتى تميل طلاهم وهم على ظهور الدواب ، أو في بطون السفن وهي تجري بهم ، لا يذكرون إلا الشيطان ، ولا يمتثلون إلا أوامره . وقد بلغني أنّ بعض السلاطين ركب وهو يشرب من بلد إلى بلد بينهما مسيرة شهر ، فلم يصح إلا بعدما اطمأنت به الدار ، فلم يشعر بمسيره ولا أحس به ، فكم بين فعل أولئك الراكبين وبين ما أمر الله به في هذه الآية . وقيل يذكرون عند الركوب ركوب الجنازة .