Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 15-18)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا } متصل بقوله { وَلَئِن سَأَلْتَهُم } الزخرف 9 أي ولئن سألتهم عن خالق السمٰوات والأرض ليعترفن به ، وقد جعلوا له مع ذلك الاعتراف من عباده جزءاً فوصفوه بصفات المخلوقين . ومعنى { مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا } أن قالوا الملائكة بنات الله ، فجعلوهم جزءاً له وبعضاً منه ، كما يكون الولد بضعة من والده وجزءاً له . ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث ، وادعاء أنّ الجزء في لغة العرب اسم للإناث ، وما هو إلا كذب على العرب ، ووضع مستحدث منحول ، ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه أجزأت المرأة ، ثم صنعوا بيتاً وبيتاً @ إنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْماً فَلاَ عَجَب زُوِّجْتُهَا مِنْ بَنَاتِ الأَوْسِ مُجْزِئَةً @@ وقرىء « جزؤوا » بضمتين { لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } لجحود للنعمة ظاهر جحوده لأنّ نسبة الولد إليه كفر ، والكفر أصل الكفران كله { أَمِ ٱتَّخَذَ } بل اتخذ ، والهمزة للإنكار تجهيلاً لهم وتعجيباً من شأنهم ، حيث لم يرضوا بأن جعلوا لله من عباده جزءاً ، حتى جعلوا ذلك الجزء شر الجزأين وهو الإناث دون الذكور ، على أنهم أنفر خلق الله عن الإناث وأمقتهم لهنّ ، ولقد بلغ بهم المقت إلى أن وأودهنّ ، كأنه قيل هبوا أنّ إضافة اتخاذ الولد إليه جائزة فرضاً وتمثيلاً ، أما تستحيون من الشطط في القسمة ؟ ومن ادعائكم أنه آثركم على نفسه بخير الجزأين وأعلاهما وترك له شرهما وأدناهما ؟ وتنكير { بَنَاتٍ } وتعريف { ٱلْبَنِينَ } وتقديمهنّ في الذكر عليهم لما ذكرت في قوله تعالى { يَهَبُ لِمَن يَشَاء إِنَـٰثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء ٱلذُّكُورَ } الشورى 49 { بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً } بالجنس الذي جعله له مثلاً ، أي شبهاً لأنه إذا جعل الملائكة جزءاً لله وبعضاً منه فقد جعله من جنسه ومماثلاً له لأن الولد لا يكون إلا من جنس الوالد ، يعني أنهم نسبوا إليه هذا الجنس . ومن حالهم أن أحدهم إذا قيل له قد ولدت لك بنت اغتم واربدّ وجهه غيظاً وتأسفاً وهو مملوء من الكرب . وعن بعض العرب أن امرأته وضعت أنثى ، فهجر البيت الذي فيه المرأة ، فقالت @ مَا لأَبِي حَمْزَةَ لاَ يَأْتِينَا يَظَلُّ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَلِينَا غَضْبَانُ أَنْ لاَ نَلِدَ الْبَنِينَا لَيْسَ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا مَاشِينَا وَإِنَّمَا نَأْخُذُ مَا أُعْطِينَا @@ والظلول بمعنى الصيرورة ، كما يستعمل أكثر الأفعال الناقصة بمعناها . وقرىء « مسودّ ومسوادّ » على أن في { ظَلَّ } ضمير المبشر ، و { وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } جملة واقعة موقع الخبر ، ثم قال أو يجعل للرحمٰن من الولد من هذه الصفة المذمومة صفته . وهو أنه { يُنَشَّأُ فِى ٱلْحِلْيَةِ } أي يتربى في الزينة والنعمة ، وهو إذا احتاج إلى مجاثاة الخصوم ومجاراة الرجال ، كان غير مبين ، ليس عنده بيان ، ولا يأتي ببرهان يحجُّ به من يخاصمه وذلك لضعف عقول النساء ونقصانهنّ عن فطرة الرجال ، يقال قلما تكلمت امرأة فأرادت أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها . وفيه أنه جعل النشىء في الزينة والنعومة من المعايب والمذام ، وأنه من صفة ربات الحجال ، فعلى الرجل أن يجتنب ذلك ويأنف منه ، ويربأ بنفسه عنه ، ويعيش كما قال عمر رضي الله عنه اخشوشنوا واخشوشبوا وتمعددوا . وإن أراد أن يزين نفسه زينها من باطن بلباس التقوى . وقرىء « ينشأ » ، وينشأ ويناشأ . ونظير المناشأة بمعنى الإنشاء المغالاة بمعنى الإغلاء .