Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 20-20)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَـٰهُمْ } هما كفرتان أيضاً مضمومتان إلى الكفرات الثلاث ، وهما عبادتهم الملائكة من دون الله ، وزعمهم أن عبادتهم بمشيئة الله ، كما يقول إخوانهم المجبرة ، فإن قلت ما أنكرت على من يقول قالوا ذلك على وجه الاستهزاء ، ولو قالوه جادين لكانوا مؤمنين ؟ قلت لا دليل على أنهم قالوه مستهزئين ، وادعاء ما لا دليل عليه باطل ، على أن الله تعالى قد حكى عنه ذلك على سبيل الذم والشهادة بالكفر أنهم جعلوا له من عباده جزءاً ، وأنه اتخذ بنات وأصفاهم بالبنين ، وأنهم جعلوا الملائكة المكرمين إناثاً . وأنهم عبدوهم وقالوا لو شاء الرحمٰن ما عبدناهم ، فلو كانوا ناطقين بها على طريق الهزء لكان النطق بالمحكيات - قبل هذا المحكى الذي هو إيمان عنده لو جدّوا في النطق به - مدحاً لهم ، من قبل أنها كلمات كفر نطقوا بها على طريق الهزء فبقي أن يكونوا جادين ، وتشترك كلها في أنها كلمات كفر ، فإن قالوا نجعل هذا الأخير وحده مقولاً على وجه الهزء دون ما قبله ، فما بهم إلا تعويج كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، لتسوية مذهبهم الباطل . ولو كانت هذه كلمة حق نطقوا بها هزءاً لم يكن لقوله تعالى { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } الزخرف20 معنى ، لأنّ من قال لا إلٰه إلا الله على طريق الهزء كان الواجب أن ينكر عليه استهزاؤه ولا يكذب ، لأنه لا يجوز تكذيب الناطق بالحق جادّاً كان أو هازئاً . فإن قلت ما قولك فيمن يفسر ما لهم - بقولهم إن الملائكة بنات الله - من علم إن هم إلا يخرصون في ذلك القول لا في تعليق عبادتهم بمشيئة الله ؟ قلت تمحل مبطل وتحريف مكابر . ونحوه قوله تعالى { سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء ٱللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَىْء كَذٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } الأنعام 148 .