Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 36-39)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرىء « ومن يعش » بضم الشين وفتحها . والفرق بينهما أنه إذا حصلت الآفة في بصره قيل عش . وإذا نظر نظر العشى ولا آفة به قيل عشا . ونظيره عرج ، لمن به الآفة . وعرج ، لمن مشى مشية العرجان من غير عرج . قال الحطيئة @ مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ @@ أي تنظر إليها نظر العشيّ لما يضعف بصرك من عظم الوقود واتساع الضوء . وهو بَيِّنٌ في قول حاتم @ أَعْشُو إِذَا مَا جَارَتِي بَرَزَت حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي الْخُدْرُ @@ وقرىء « يعشوا » على أنّ من موصولة غير مضمنة معنى الشرط . وحق هذا القارىء أن يرفع نقيض . ومعنى القراءة بالفتح ومن يعم { عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } وهو القرآن ، كقوله تعالى { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ } البقرة 18 وأما القراءة بالضم فمعناها ومن يتعام عن ذكره ، أي يعرف أنه الحق وهو يتجاهل ويتغابى ، كقوله تعالى { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ } النمل 14 { نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً } نخذله ونخل بينه وبين الشياطين ، كقوله تعالى { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء } فصلت 25 ، { أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَـٰطِينَ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } مريم 83 وقرىء « نقيض » أي يقيض له الرحمٰن ويقيض له الشيطان . فإن قلت لم جمع ضمير من وضمير الشيطان في قوله { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ } ؟ قلت لأنّ من مبهم في جنس العاشي ، وقد قيض له شيطان مبهم في جنسه ، فلما جاز أن يتناولا لإبهامهما غير واحدين جاز أن يرجع الضمير إليهما مجموعاً { حَتَّىٰ إِذَا جَاءَنَا } العاشي . وقرىء « جاآنا » على أنّ الفعل له ولشيطانه . { قَالَ } لشيطانه { يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ } يريد المشرق والمغرب ، فغلب كما قيل العمران والقمران . فإن قلت فما بعد المشرقين ؟ قلت تباعدهما ، والأصل بعد المشرق من المغرب ، والمغرب من المشرق . فلما غلب وجمع المفترقين بالتثنية أضاف البعد إليهما { أَنَّكُمْ } في محل الرفع على الفاعلية ، يعني ولن ينفعكم كونكم مشتركين في العذاب كما ينفع الواقعين في الأمر الصعب اشتراكهم فيه ، لتعاونهم في تحمل أعبائه وتقسمهم لشدّته وعنائه ، وذلك أنّ كل واحد منكم به من العذاب ما لا تبلغه طاقته ، ولك أن تجعل الفعل للتمني في قوله يا ليت بيني وبينك على معنى ولن ينفعكم اليوم ما أنتم فيه من تمنى مباعدة القرين . وقوله { أَنَّكُمْ فِى ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } تعليل ، أي لن ينفعكم تمنيكم لأنّ حقكم أن تشتركوا أنتم وقرناؤكم في العذاب كما كنتم مشتركون في سببه وهو الكفر . وتقوّيه قراءة من قرأ « إنكم » بالكسر وقيل إذا رأى الممنوّ بشدّة من منى بمثلها روّحه ذلك ونفس بعض كربه ، وهو التأسي الذي ذكرته الخنساء @ أُعَزِّي النَّفْسَ عَنْهُ بِالتَّأَسِّي @@ فهؤلاء لا يؤسيهم اشتراكهم ولا يروّحهم لعظم ما هم فيه . فإن قلت ما معنى قوله تعالى { إِذ ظَّلَمْتُمْ } ؟ قلت معناه إذ صح ظلمكم وتبين ولم يبق لكم ولا لأحد شبهة في أنكم كنتم ظالمين ، وذلك يوم القيامة . وإذ بدل من اليوم . ونظيره @ إِذَا مَا انْتَسَبْنَا لَمْ تَلِدْنِي لَئِيمَة @@ أي تبين أني ولد كريمة .