Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 7-10)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الأفاك الكذاب ، والأثيم المتبالغ في اقتراف الآثام { يُصِرُّ } يقبل على كفره ويقيم عليه . وأصله من إصرار الحمار على العانة وهو أن ينحى عليها صارّاً أذنيه { مُسْتَكْبِراً } عن الإيمان بالآيات والإذعان لما ينطق به من الحق ، مزدرياً لها معجباً بما عنده . قيل نزلت في النضر بن الحرث وما كان يشتري من أحاديث الأعاجم ، ويشغل الناس بها عن استماع القرآن . والآية عامّة في كل ما كان مضارّاً لدين الله . فإن قلت ما معنى ثم في قوله { ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً } ؟ قلت كمعناه في قول القائل @ يَرَى غَمَرَاتِ المَوْتِ ثُمَّ يَزُورُها @@ وذلك أنّ غمرات الموت حقيقة ، بأن ينجو رائيها بنفسه ويطلب الفرار عنها . وأمّا زيارتها والإقدام على مزاولتها . فأمر مستبعد ، فمعنى ثم الإيذان بأن فعل المقدّم عليها بعدما رآها وعاينها شيء يستعبد في العادات والطباع ، وكذلك آيات الله الواضحة الناطقة بالحق ، من تليت عليه وسمعها كان مستبعداً في العقول إصراره على الضلالة عندها واستكباره عن الإيمان بها { كَأَن } مخففة ، والأصل كأنه لم يسمعها والضمير ضمير الشأن ، كما في قوله @ كَأَنْ ظَبْيَةً تعطو إِلَى نَاضِرِ السَّلَمْ @@ ومحل الجملة النصب على الحال . أي يصر مثل غير السامع { وَإِذَا } بلغه شيء من آياتنا وعلم أنه منها { ٱتَّخَذَهَا } أي اتخذ الآيات { هُزُواً } ولم يقل اتخذه ، للإشعار بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات التي أنزلها الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم خاض في الاستهزاء بجميع الآيات . ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه ، ويحتمل وإذا علم من آياتنا شيئاً يمكن أن يتشبث به المعاند ويجد له محملاً يتسلق به على الطعن والغميزة افترصه واتخذ آيات الله هزواً ، وذلك نحو افتراص ابن الزبعري قوله عز وجل { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } الأنبياء 98 ومغالطته رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله خصتمك . ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء لأنه في معنى الآية كقول أبي العتاهية @ نَفْسِي بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا مُعَلَّقَةٌ أللَّهُ وَالْقَائِمُ الْمَهْدِيُّ يَكْفِيَهَا @@ حيث أراد عتبة . وقرىء « علم أولئك » إشارة إلى كل أفاك أثيم ، لشموله الأفاكين . والوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام . قال @ أَلَيْسَ وَرَائِي أَنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي أَدِبُّ مَعَ الْوِلْدَانِ أَزْحَفُ كَالنَّسْرِ @@ ومنه قوله عز وجل { مِّن وَرَائِهِمْ } أي من قدّامهم { مَّا كَسَبُواْ } من الأموال في رحلهم ومتاجرهم { وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأوثان .