Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 24-25)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَمَّا رَأَوْهُ } في الضمير وجهان أن يرجع إلى ما تعدنا ، وأن يكون مبهماً قد وضح أمره بقوله { عَارِضًا } إما تمييزاً وإما حالاً . وهذا الوجه أعرب وأفصح . والعارض السحاب الذي يعرض في أفق السماء . ومثله الحبىٰ والعنان ، من حبا وعنّ إذا عرض . وإضافة مستقبل وممطر مجازية غير معروفة بدليل وقوعهما وهما مضافان إلى معرفتين وصفاً للنكرة { بَلْ هُوَ } القول قبله مضمر ، والقائل هود عليه السلام ، والدليل عليه قراءة من قرأ « قال هود ، بل هو » وقرىء « قل بل ما استعجلتم به هي ريح » ، أي قال الله تعالى قل { تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْءٍ } تهلك من نفوس عاد وأموالهم الجم الكثير ، فعبر عن الكثرة بالكلية . وقرىء يدمر كل شيء من دمر دماراً إذا هلك { لاَّ تَرَىٰ } الخطاب للرائي من كان . وقرىء « لا يرى » ، على البناء للمفعول بالياء والتاء ، وتأويل القراءة بالتاء وهي عن الحسن رضي الله عنه لا ترى بقايا ولا أشياء منهم إلا مساكنم . ومنه بيت ذي الرمّة @ وَمَا بَقِيَتْ إِلاَّ الضُّلُوعُ الْجَرَاشِعُ @@ وليست بالقوية . وقرىء « لا ترى إلا مسكنهم » ، و « لا يرى إلا مسكنهم » . وروى أنّ الريح كانت كانت تحمل الفسطاط والظعينة فترفعها في الجوّ حتى ترى كأنها جرادة . وقيل أوّل من أبصر العذاب امرأة منهم قالت رأيت ريحاً فيها كشهب النار . وروي أوّل ما عرفوا به أنه عذاب أنهم رأوا ما كان في الصحراء من رحالهم ومواشيهم تطير به الريح بين السماء والأرض ، فدخلوا بيوتهم وغلقوا أبوابهم فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم ، وأمال الله عليهم الأحقاف فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام لهم أنين ، ثم كشفت الريح عنه ، فاحتملتهم فطرحتهم في البحر . وروى أنّ هوداً لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطا إلى جنب عين تنبع . وعن ابن عباس رضي الله عنهما اعتزل هود ومن معه في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما يلين على الجلود وتلذه الأنفس . وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء وتدمغهم بالحجارة وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رأى الريح فزع وقال 1030 " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به وإذا رأى مخيلة قام وقعد ، وجاء وذهب ، وتغير لونه ، فيقال له يا رسول الله ما تخاف ؟ فيقول إني أخاف أن يكون مثل قوم عاد حيث قالوا هذا عارض ممطرنا " فإن قلت ما فائدة إضافة الرب إلى الريح ؟ قلت الدلالة على أن الريح وتصريف أعنتها مما يشهد لعظم قدرته ، لأنها من أعاجيب خلقه وأكابر جنوده . وذكر الأمر وكونها مأمورة من جهته عز وجل يعضد ذلك ويقوّيه .