Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 111-115)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيّينَ } أمرتهم على ألسنة الرسل { مُّسْلِمُونَ } مخلصون ، من أسلم وجهه لله { عِيسَى } في محل النصب على إتباع حركة الابن ، كقولك يا زيد بن عمرو ، وهي اللغة الفاشية ويجوز أن يكون مضموماً كقولك يا زيد بن عمرو . والدليل عليه قوله @ أَحَارِ بْنَ عَمْرٍو كَأَنِّي خَمْر وَيَبْدُو عَلَى الْمَرْءِ مَا يَأْتَمِرْ @@ لأنّ الترخيم لا يكون إلا في المضموم . فإن قلت كيف قالوا { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ } بعد إيمانهم وإخلاصهم ؟ قلت ما وصفهم الله بالإيمان والإخلاص ، وإنما حكى ادعاءهم لهما ، ثم أتبعه قوله { إِذَ قَالُواْ } فآذن إنّ دعواهم كانت باطلة ، وإنهم كانوا شاكين ، وقوله هل يستطيع ربك كلام لا يرد مثله عن مؤمنين معظمين لربهم ، وكذلك قول عيسى عليه السلام لهم معناه اتقوا الله ولا تشكوا في اقتداره واستطاعته ، ولا تقترحوا عليه ، ولا تتحكموا ما تشتهون من الآيات فتهلكوا إذا عصيتموه بعدها { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } إن كانت دعواكم للإيمان صحيحة . وقرىء « هل تستطيع ربك » ، أي هل تستطيع سؤال ربك ، والمعنى هل تسأله ذلك من غير صارف يصرفك عن سؤاله . والمائدة الخوان إذا كان عليه الطعام ، وهي من مادّة إذا أعطاه ورفده كأنها تميد من تقدّم إليه { وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } نشهد عليها عند الذين لم يحضروها من بني إسرائيل ، أو نكون من الشاهدين لله بالوحدانية ولك وبالنبوّة ، عاكفين عليها ، على أن عليها في موضع الحال ، وكانت دعواهم لإرادة ما ذكروا كدعواهم الإيمان والإخلاص . وإنما سأل عيسى وأجيب ليلزموا الحجة بكمالها ويرسل عليهم العذاب إذا خالفوا . وقرىء « ويعلم » ، بالياء على البناء للمفعول . « وتعلم » . « وتكون » ، بالتاء . والضمير للقلوب { ٱللَّهُمَّ } أصله يا ألله . فحذف حرف النداء ، وعوضت منه الميم . و { رَبَّنَا } نداء ثان { تَكُونُ لَنَا عِيداً } أي يكون يوم نزولها عيداً . قيل هو يوم الأحد . ومن ثم اتخذه النصارى عيداً ، وقيل العيد السرور العائد ، ولذلك يقال يوم عيد . فكأنّ معناه تكون لنا سروراً وفرحاً ، وقرأ عبد الله « تكون » ، على جواب الأمر . ونظيرهما . يرثني ، ويرثني { لأَوَّلِنَا وَءاخِرِنَا } بدل من لنا بتكرير العامل ، أي لمن في زماننا من أهل ديننا ، ولمن يأتي بعدنا . وقيل يأكل منها آخر الناس كما يأكل أولهم ويجوز للمقدّمين منا والأتباع . وفي قراءة زيد « لأولانا وأخرانا » ، والتأنيث بمعنى الأمّة والجماعة { عَذَاباً } بمعنى تعذيباً . والضمير في لا أعذبه للمصدر ، ولو أريد بالعذاب ما يعذب به ، لم يكن بدّ من الباء . وروي أن عيسى عليه السلام لما أراد الدعاء لبس صوفاً ، ثم قال اللَّهم أنزل علينا ، فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين غمامة فوقها وأخرى تحتها ، وهم ينظرون إليها حتى سقطت بين أيديهم ، فبكى عيسى عليه السلام وقال اللَّهم اجعلني من الشاكرين ، اللَّهم اجعلها رحمة ولا تجعلها مثلة وعقوبة ، وقال لهم ليقم أحسنكم عملاً يكشف عنها ويذكر اسم الله عليها ويأكل منها . فقال شمعون رأس الحواريين أنت أولى بذلك ، فقام عيسى وتوضأ وصلّى وبكى ، ثم كشف المنديل وقال بسم الله خير الرازقين ، فإذا سمكة مشوية بلا فلوس ولا شوك تسيل دسماً . وعند رأسها ملح ، وعند ذنبها خل ، وحولها من ألوان البقول ما خلا الكرّاث ، وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون ، وعلى الثاني عسل ، وعلى الثالث سمن ، وعلى الرابع جبن ، وعلى الخامس قديد . فقال شمعون يا روح الله ، أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة ؟ فقال ليس منهما ، ولكنه شيء اخترعه الله بالقدرة العالية ، كلوا ما سألتم واشكروا الله يمددكم الله ويزدكم من فضله فقال الحواريون يا روح الله ، لو أريتنا من هذه الآية آية أخرى ، فقال يا سمكة أحيي بإذن الله ، فاضطربت . ثم قال لها عودي كما كنت ، فعادت مشوية . ثم طارت المائدة ، ثم عصوا بعدها فمسخوا قردة وخنازير . وروي أنهم لما سمعوا بالشريطة وهي قوله تعالى { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنّى أُعَذّبُهُ } قالوا لا نريد فلم تنزل . وعن الحسن والله ما نزلت ، ولو نزلت لكان عيداً إلى يوم القيامة ، لقوله وآخرنا . والصحيح أنها نزلت .