Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 109-110)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَوْمَ يَجْمَعُ } بدل من المنصوب في قوله واتقوا الله وهو من بدل الاشتمال ، كأنه قيل واتقوا الله يوم جمعه . أو ظرف لقوله لا يهدي أي لا يهديهم طريق الجنة يومئذ كما يفعل بغيرهم . أو ينصب على إضمار اذكر . أو يوم يجمع الله الرسل كان كيت وكيت . و { مَاذَا } منتصب بأجبتم انتصاب مصدره ، على معنى أي إجابة أجبتم . ولو أريد الجواب لقيل بماذا أجبتم . فإن قلت ما معنى سؤالهم ؟ قلت توبيخ قومهم ، كما كان سؤال الموؤدة توبيخاً للوائد . فإن قلت كيف يقولون { لاَ عِلْمَ لَنَا } وقد علموا بما أجيبوا ؟ قلت يعلمون أن الغرض بالسؤال توبيخ أعدائهم فيكلون الأمر إلى علمه وإحاطته بما منوا به منهم وكابدوا من سوء إجابتهم ، إظهاراً للتشكي واللجإ إلى ربهم في الانتقام منهم ، وذلك أعظم على الكفرة وأفت في أعضادهم وأجلب لحسرتهم وسقوطهم في أيديهم إذا اجتمع توبيخ الله وتشكي أنبيائه عليهم . ومثاله أن ينكب بعض الخوارج على السلطان خاصة من خواصه نكبة قد عرفها السلطان واطلع على كنهها وعزم على الانتصار له منه ، فيجمع بينهما ويقول له ما فعل بك هذا الخارجي وهو عالم بما فعل به ، يريد توبيخه وتبكيته ، فيقول له أنت أعلم بما فعل بي تفويضاً للأمر إلى علم سلطانه ، واتكالاً عليه ، وإظهاراً للشكاية ، وتعظيماً لما حلّ به منه . وقيل من هول ذلك اليوم يفزعون ويذهلون عن الجواب ، ثم يجيبون بعدما تثوب إليهم عقولهم بالشهادة على أممهم . وقيل معناه علمنا ساقط مع علمك ومغمور به ، لأنك علام الغيوب . ومن علم الخفيات لم تخف عليه الظواهر التي منها إجابة الأمم لرسلهم ، فكأنه لا علم لنا إلى جنب علمك . وقيل لا علم لنا بما كان منهم بعدنا ، وإنما الحكم للخاتمة . وكيف يخفى عليهم أمرهم وقد رأوهم سود الوجوه زرق العيون موبخين . وقرىء « علام الغيوب » بالنصب على أنّ الكلام قد تم بقوله { إِنَّكَ أَنتَ } أي أنك الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره ثم نصب علام الغيوب على الاختصاص ، أو على على النداء ، أو هو صفة لاسم أنّ { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ } بدل من يوم يجمع والمعنى أنه يوبخ الكافرين يومئذ بسؤال الرسل عن إجابتهم ، وبتعديد ما أظهر على أيديهم من الآيات العظام ، فكذبوهم وسموهم سحرة . أو جاوزوا حدّ التصديق إلى أن اتخذوهم آلهة ، كما قال بعض بني إسرائيل فيما أظهر على يد عيسى عليه السلام من البينات والمعجزات { هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } الأحقاف 7 واتخذه بعضهم وأمه إلٰهين { أَيَّدتُّكَ } قوّيتك . وقرىء « أيدتك » ، على أفعلتك { بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } بالكلام الذي يحيا به الدين ، وأضافه إلى القدس ، لأنه سبب الطهر من أوضار الآثام . والدليل عليه قوله تعالى { تُكَلّمَ ٱلنَّاسَ } و { فِى ٱلْمَهْدِ } في موضع الحال ، لأنّ المعنى تكلمهم طفلاً { وَكَهْلاً } إلا أن في المهد فيه دليل على حدّ من الطفولة . وقيل روح القدس جبريل عليه السلام ، أيّد به لتثبيت الحجة . فإن قلت ما معنى قوله في المهد وكهلاً ؟ قلت معناه تكلمهم في هاتين الحالتين ، من غير أن يتفاوت كلامك في حين الطفولة وحين الكهولة الذي هو وقت كمال العقل وبلوغ الأشد والحدّ الذي يستنبأ فيه الأنبياء { وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنجِيلَ } خصّا بالذكر مما تناوله الكتاب والحكمة ، لأن المراد بهما جنس الكتاب والحكمة . وقيل الكتاب الخط . و الحكمة الكلام المحكم الصواب { كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ } هيئة مثل هيئة الطير { بِإِذْنِى } بتسهيلي { فَتَنفُخُ فِيهَا } الضمير للكاف ، لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى عليه السلام وينفخ فيها ، ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست في خلقه ولا من نفخه في شيء . وكذلك الضمير في فتكون { تُخْرِجُ ٱلْمَوتَىٰ } تخرجهم من القبور وتبعثهم . قيل أخرج سام ابن نوح ورجلين وامرأة وجارية { وَإِذَا كَفَفْتُ بَنِى إِسْرٰءيلَ عَنكَ } يعني اليهود حين هموا بقتله . وقيل لما قال الله تعالى لعيسى { ٱذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ } كان يلبس الشعر ويأكل الشجر ولا يدخر شيئاً لغد يقول مع كل يوم رزقه ، لم يكن له بيت فيخرب ، ولا ولد فيموت ، أينما أمسى بات .