Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 117-118)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أن في قوله { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } إن جعلتها مفسرة لم يكن لها بدّ من مفسر . والمفسر إما فعل القول وإما فعل الأمر ، وكلاهما لا وجه له . أما فعل القول فيحكى بعده الكلام من غير أن يتوسط بينهما حرف التفسير ، لا تقول ما قلت لهم إلا أن اعبدوا الله . ولكن ما قلت لهم إلا اعبدوا الله . وأما فعل الأمر ، فمسند إلى ضمير الله عزّ وجلّ . فلو فسرته باعبدوا الله ربي وربكم لم يستقم لأن الله تعالى لا يقول اعبدوا الله ربي وربكم ، وإن جعلتها موصولة بالفعل لم تخل من أن تكون بدلاً من ما أمرتني به ، أو من الهاء في به ، وكلاهما غير مستقيم لأن البدل هو الذي يقوم مقام المبدل منه . ولا يقال ما قلت لهم إلا أن اعبدوا الله ، بمعنى ما قلت لهم إلا عبادته لأن العبادة لا تقال . وكذلك إذا جعلته بدلاً من الهاء لأنك لو أقمت أن اعبدوا الله مقام الهاء ، فقلت إلا ما أمرتني بأن اعبدوا الله ، لم يصح ، لبقاء الموصول بغير راجع إليه من صلته . فإن قلت فكيف يصنع ؟ قلت يحمل فعل القول على معناه لأن معنى ما قلت لهم إلا ما أمرتني به . ما أمرتهم إلا بما أمرتني به ، حتى يستقيم تفسيره بأن اعبدوا الله ربي وربكم . ويجوز أن تكون أن موصولة عطف بيان للهاء لا بدلاً { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً } رقيباً كالشاهد على المشهود عليه ، أمنعهم من أن يقولوا ذلك ويتدينوا به { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } تمنعهم من القول به بما نصبت لهم من الأدلة ، وأنزلت عليهم من البينات ، وأرسلت إليهم من الرسل { إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } الذين عرفتهم عاصين جاحدين لآياتك مكذبين لأنبيائك { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ } القوي القادر على الثواب والعقاب { ٱلْحَكِيمُ } الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة وصواب . فإن قلت المغفرة لا تكون للكفار فكيف قال وإن تغفر لهم ؟ قلت ما قال إنك تغفر لهم ، ولكنه بنى الكلام على إن غفرت ، فقال إن عذبتهم عدلت ، لأنهم أحقاء بالعذاب ، وإن غفرت لهم مع كفرهم لم تعدم في المغفرة وجه حكمة لأن المغفرة حسنة لكل مجرم في المعقول ، بل متى كان الجرم أعظم جرماً كان العفو عنه أحسن .