Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 20-24)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء } لأنه لم يبعث في أمّة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء { وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً } لأنه ملكهم بعد فرعون ملكه ، وبعد الجبابرة ملكهم ولأنّ الملوك تكاثروا فيهم تكاثر الأنبياء . وقيل كانوا مملوكين في أيدي القبط فأنقذهم الله ، فسمِّي إنقاذهم ملكاً . وقيل الملك من له مسكن واسع فيه ماء جار . وقيل من له بيت وخدم . وقيل من له مال لا يحتاج معه إلى تكلّف الأعمال وتحمل المشاق { مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } من فلق البحر ، وإغراق العدوّ ، وتظليل الغمام ، وإنزال المنّ والسلوى ، وغير ذلك من الأمور العظام ، وقيل أراد عالمي زمانهم { الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ } يعني أرض بيت المقدس . وقيل الطور وما حوله . وقيل الشام . وقيل فلسطين ودمشق وبعض الأردن . وقيل سمَّاها الله لإبراهيم ميراثاً لولده حين رفع على الجبل ، فقيل له انظر ، فلك ما أدرك بصرك ، وكان بيت المقدس قرار الأنبياء ومسكن المؤمنين { كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ } قسمها لكم وسماها ، أو خط في اللوح المحفوظ أنها لكم { وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَـٰرِكُمْ } ولا تنكصوا على أعقابكم مدبرين من خوف الجبابرة جبناً وهلعاً ، وقيل لما حدثهم النقباء بحال الجبابرة رفعوا أصواتهم بالبكاء وقالوا ليتنا متنا بمصر . وقالوا تعالوا نجعل علينا رأساً ينصرف بنا إلى مصر . ويجوز أن يراد لا ترتدوا على أدباركم في دينكم بمخالفتكم أمر ربكم وعصيانكم نبيكم فترجعوا خاسرين ثواب الدنيا والآخرة . الجبار فعال من جبره على الأمر بمعنى أجبره عليه وهو العاتي الذي يجبر الناس على ما يريد { قَالَ رَجُلاَنِ } هما كالب ويوشع { مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ } من الذين يخافون الله ويخشونه ، كأنه قيل رجلان من المتقين . ويجوز أن تكون الواو لبني إسرائيل والراجع إلى الموصول محذوف تقديره من الذين يخافهم بنو إسرائيل وهم الجبارون ، وهما رجلان منهم { أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا } بالإيمان فآمنا ، قالا لهم إن العمالقة أجسام لا قلوب فيها ، فلا تخافوهم وازحفوا إليهم فإنكم غالبوهم يشجعانهم على قتالهم . وقراءة من قرأ « يخافون » بالضم شاهدة له ، وكذلك أنعم الله عليهما ، كأنه قيل من المخوفين . وقيل هو من الإخافة ، ومعناه من الذين يخوفون من الله بالتذكرة والموعظة . أو يخوّفهم وعيد الله بالعقاب . فإن قلت ما محل أنعم الله عليهما ؟ قلت إن انتظم مع قوله من الذين يخافون في حكم الوصف لرجلان فمرفوع ، وإن جعل كلاماً معترضاً فلا محلّ له . فإن قلت من أين علما أنهم غالبون ؟ قلت من جهة إخبار موسى بذلك . وقوله تعالى { كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ } وقيل من جهة غلبة الظن وما تبينا من عادة الله في نصرة رسله ، وما عهدا من صنع الله لموسى في قهر أعدائه ، وما عرفا من حال الجبابرة . والباب باب قريتهم { لَنْ نَّدْخُلَهَا } نفي لدخولهم في المستقبل على وجه التأكيد المؤيس . و { أَبَدًا } تعليق للنفي المؤكد بالدهر المتطاول . و { مَّا دَامُواْ فِيهَا } بيان للأبد { فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ } يحتمل أن لا يقصدوا حقيقة الذهاب ، ولكن كما تقول كلمته فدهب يجيبني ، تريد معنى الإرادة والقصد للجواب ، كأنهم قالوا أريد قتالهم . والظاهر أنهم قالوا ذلك استهانة بالله ورسوله وقلة مبالاة بهما واستهزاء ، وقصدوا ذهابهما حقيقة بجهلهم وجفاهم وقسوة قلوبهم التي عبدوا بها العجل وسألوا بها رؤية الله عزّ وجلّ جهرة . والدليل عليه مقابلة ذهابهما بقعودهم ويحكى أنّ موسى وهارون عليهما السلام خرَّا لوجوههما قدَّامهم لشدة ما ورد عليهما ، فهموا برجمهما . ولأمر مّا قرن الله اليهود بالمشركين وقدمهم عليهم في قوله تعالى { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } المائدة 82 .