Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 49-49)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فإن قلت { وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ } معطوف على ماذا ؟ قلت على الكتاب في قوله { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } كأنه قيل وأنزلنا إليك أن احكم على أنّ أن وصلت بالأمر لأنه فعل كسائر الأفعال ويجوز أن يكون معطوفاً على بالحق أي أنزلناه بالحق وبأن احكم { أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } أن يضلوك عنه ويستزلوك وذلك 351 أن كعب بن أسيد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس من أحبار اليهود قالوا اذهبوا بنا إلى محمد نفتنه عن دينه ، فقالوا يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود ، وأنا إن اتبعناك اتبعتنا اليهود كلهم ولم يخالفونا ، وإنّ بيننا وبين قومنا خصومة فنتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ، ونحن نؤمن بك ونصدّقك ، فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت { فَإِن تَوَلَّوْاْ } عن الحكم بما أنزل الله إليك وأرادوا غيره { فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } يعني بذنب التولي عن حكم الله وإرادة خلافه ، فوضع { بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } موضع ذلك وأرادأنّ لهم ذنوباً جمة كثيرة العدد ، وأنّ هذا الذنب مع عظمه بعضها وواحد منها ، وهذا الإبهام لتعظيم التولي واستسرافهم في ارتكابه . ونحو البعض في هذا الكلام ما في قول لبيد @ أَوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا @@ أراد نفسه وإنما قصد تفخيم شأنها بهذا الإبهام ، كأنه قال نفساً كبيرة ، ونفساً أيّ نفس ، فكما أن التنكير يعطي معنى التكبير وهو معنى البعضية ، فكذلك إذا صرح بالبعض { لفَـاَسِقُونَ } لمتمرّدون في الكفر معتدون فيه ، يعني أنّ التولي عن حكم الله من التمرّد العظيم والاعتداء في الكفر .