Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 48-48)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فإن قلت أي فرق بين التعريفين في قوله { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } وقوله { لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } ؟ قلت الأول تعريف العهد ، لأنه عنى به القرآن . والثاني تعريف الجنس ، لأنه عنى به جنس الكتب المنزلة ويجوز أن يقال هو للعهد لأنه لم يرد به ما يقع عليه اسم الكتاب على الإطلاق ، وإنما أريد نوع معلوم منه ، وهو ما أنزل من السماء سوى القرآن { وَمُهَيْمِناً } ورقيباً على سائر الكتب لأنه يشهد لها بالصحة والثبات . وقرىء « مهيمناً عليه » بفتح الميم ، أي هو من عليه بأن حفظ من التغيير والتبديل ، كما قال { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَـٰطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } فصلت 42 والذي هيمن الله عليه عزّ وجلّ أو الحفاظ في كل بلد ، لو حُرِّف حَرْف منه أو حركة أو سكون لتنبه عليه كل أحد ، ولا شمأزوا رادّين ومنكرين . ضمن { لاَ تَتَّبِعُواْ } معنى ولا تنحرف فلذلك عدّي بعن كأنه قيل ولا تنحرف عما جاءك من الحق متبعاً أهواءهم { لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ } أيها الناس { شِرْعَةً } شريعة . وقرأ يحيى بن وثاب بفتح الشين { وَمِنْهَـٰجاً } وطريقا واضحاً في الدين تجرون عليه . وقيل هذا دليل على أنَّا غير متعبدين بشرائع من قبلنا { لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وٰحِدَةً } جماعة متفقة على شريعة واحدة ، أو ذوي أمّة واحدة أي دين واحد لا اختلاف فيه { وَلَـٰكِنِ } أراد { لِيَبْلُوَكُمْ فِى مَآ ءاتَـٰكُمُ } من الشرائع المختلفة ، هل تعملون بها مذعنين معتقدين أنها مصالح قد اختلفت على حسب الأحوال والأوقات ، معترفين بأن الله لم يقصد باختلافها إلا ما اقتضته الحكمة ؟ أم تتبعون الشبه وتفرطون في العمل ؟ { فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ } فابتدروها وتسابقوا نحوها { إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ } استئناف في معنى التعليل لاستباق الخيرات { فَيُنَبّئُكُمْ } فيخبركم بما لا تشكون معه من الجزاء الفاصل بين محقكم ومبطلكم ، وعاملكم ومفرطكم في العمل .