Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 51-53)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لا تتخذوهم أولياء تنصرونهم وتستنصرونهم وتؤاخونهم وتصافونهم وتعاشرونهم معاشرة المؤمنين . ثم علل النهي بقوله { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } أي إنما يوالي بعضهم بعضاً لاتحاد ملتهم واجتماعهم في الكفر ، فما لمن دينه خلاف دينهم ولموالاتهم { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ } من جملتهم وحكمه حكمهم . وهذا تغليظ من الله وتشديد في وجوب مجانبة المخالف في الدين واعتزاله ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 353 " لا تراءى ناراهما " ومنه قول عمر رضي الله عنه لأبي موسى في كاتبه النصراني لا تكرموهم إذ أهانهم الله ، ولا تأمنوهم إذ خوّنهم الله ، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله وروي أنه قال له أبو موسى لا قوام للبصرة إلا به ، فقال مات النصراني والسلام ، يعني هب أنه قد مات ، فما كنت تكون صانعاً حينئذ فاصنعه الساعة ، واستغن عنه بغيره { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفر يمنعهم الله ألطافه ويخذلهم مقتاً لهم { يُسَـٰرِعُونَ فِيهِمْ } ينكمشون في موالاتهم ويرغبون فيها ويعتذرون بأنهم لا يأمنون أن تصيبهم دائرة من دوائر الزمان ، أي صرف من صروفه ودولة من دوله ، فيحتاجون إليهم وإلى معونتهم ، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه 354 أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنّ لي من موالي من يهود كثيراً عددهم ، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم وأُوالي الله ورسوله فقال عبد الله بن أبيّ إني رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من ولاية مواليّ وهم يهود بني قينقاع . { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِىَ بِٱلْفَتْحِ } لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه وإظهار المسلمين { أَوْ أَمْرٍ مّنْ عِندِهِ } يقطع شأفة اليهود ويجليهم عن بلادهم ، فيصبح المنافقون نادمين على ما حدثوا به أنفسهم وذلك أنهم كانوا يشكون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون ما نظن أن يتم له أمر ، وبالحري أن تكون الدولة والغلبة لهؤلاء . وقيل أو أمر من عنده أو أن يؤمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بإظهار أسرار المنافقين وقتلهم فيندموا على نفاقهم . وقيل أو أمر من عند الله لا يكون فيه للناس فعل كبني النضير الذين طرح الله في قلوبهم الرعب . فأعطوا بأيديهم من غير أن يوجف عليهم بخيل ولا ركاب { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } قرىء بالنصب عطفاً على أن يأتي . وبالرفع على أنه كلام مبتدأ ، أي ويقول الذين آمنوا في ذلك الوقت وقرىء « يقول » بغير واو ، وهي في مصاحف مكة والمدينة والشأم كذلك على أنه جواب قائل يقول فماذا يقول المؤمنون حينئذ ؟ فقيل يقول الذين آمنوا هؤلاء الذين أقسموا . فإن قلت لمن يقولون هذا القول ؟ قلت إمّا أن يقوله بعضهم لبعض تعجباً من حالهم واغتباطاً بما منّ الله عليهم من التوفيق في الإخلاص { أَهُـٰؤُلاء ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ } لكم بإغلاظ الأيمان أنهم أولياؤكم ومعاضدوكم على الكفار . وإمّا أن يقولوه لليهود لأنهم حلفوا لهم بالمعاضدة والنصرة . كما حكى الله عنهم { وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ } الحشر 11 . { حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ } من جملة قول المؤمنين ، أي بطلت أعمالهم التي كانوا يتكلفونها في رأى أعين الناس . وفيه معنى التعجيب كأنه قيل ما أحبط أعمالهم ! فما أخسرهم ! أو من قول الله عزّ وجلّ شهادة لهم بحبوط الأعمال وتعجبا من سوء حالهم .