Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 54-54)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقرىء « من يرتد » ومن « يرتدد » ، وهو في الإمام بدالين ، وهو من الكائنات التي أخبر عنها في القرآن قبل كونها . وقيل بل كان أهل الردّة إحدى عشرة فرقة ثلاث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو مدلج ، ورئيسهم ذو الخمار وهو الأسود العنسي ، وكان كاهناً تنبأ باليمن واستولى على بلاده ، وأخرج عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل وإلى سادات اليمن ، فأهلكه الله على يدي فيروز الديلمي بَيَّتَهُ فقتله وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله ليلة قتل ، فسرّ المسلمون وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد . وأتى خبره في آخر شهر ربيع الأول . وبنو حنيفة ، قوم مسيلمة تنبأ وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله . أمّا بعد فإن الأرض نصفها لي ونصفها لك . فأجاب عليه الصلاة والسلام " من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب . أمّا بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " فحاربه أبو بكر رضي الله عنه بجنود المسلمين ، وقتل على يدي وحشي قاتل حمزة . وكان يقول قتلت خير الناس في الجاهلية ، وشرّ الناس في الإسلام ، أراد في جاهليتي وإسلامي . وبنو أسد قوم طليحة بن خويلد تنبأ فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خالداً فانهزم بعد القتال إلى الشام ثم أسلم وحسن إسلامه . وسبع في عهد أبي بكر رضي الله عنه فزاره قوم عيينة بن حصين وغطفان قوم قرّة بن سلمة القشيري ، وبنو سليم قوم الفجاءة بن عبد يا ليل . وبنو يربوع ، قوم مالك بن نويرة وبعض تميم قوم سجاح بنت المنذر المتنبئة التي زوّجت نفسها مسيلمة الكذاب ، وفيها يقول أبو العلاء المعري في كتاب استغفر واستغفري @ أَمَّتْ سجَاحٌ وَوَالاَهَا مُسَيْلِمَة كَذَّابَةٌ فِي بَنِي الدُّنْيَا وَكَذَّابُ @@ وكندة ، قوم الأشعث بن قيس ، وبنو بكر بن وائل بالبحرين قوم الحطيم بن زيد ، وكفى الله أمرهم على يد أبي بكر رضي الله عنه . وفرقة واحدة في عهد عمر رضي الله عنه غسان قوم جبلة ابن الأيهم نصرته اللطيمة وسيرته إلى بلاد الروم بعد إسلامه { فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍ } قيل 355 لما نزلت أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى الأشعري فقال « قوم هذا » وقيل هم ألفان من النخع ، وخمسة آلاف من كندة وبجيلة ، وثلاثة آلاف من أفناء الناس جاهدوا يوم القادسية . وقيل هم الأنصار . وقيل 356 سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فضرب يده على عاتق سلمان وقال « هذا وذووه » ثم قال " لو كان الإيمان معلقاً بالثريا لناله رجال من أبناء فارس " { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } محبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته ، وأن لا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه ، ومحبة الله لعباده أن يثيبهم أحسن الثواب على طاعتهم ويعظمهم ويثني عليهم ويرضى عنهم وأما ما يعتقده أجهل الناس وأعداهم للعلم وأهله وأمقتهم للشرع وأسوأهم طريقة ، وإن كانت طريقتهم عند أمثالهم من الجهلة والسفهاء شيئا ، وهم الفرقة المفتعلة المتفعلة من الصوف ، وما يدينون به من المحبة والعشق ، والتغني على كراسيهم خربها الله ، وفي مراقصهم عطلها الله ، بأبيات الغزل المقولة في المردان الذين يسمونهم شهداء ، وصعقاتهم التي أين عنها صعقة موسى عند دكّ الطور ، فتعالى الله عنه علواً كبيراً ، ومن كلماتهم كما أنه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته ، فإنّ الهاء راجعة إلى الذات دون النعوت والصفات . ومنها الحب شرطه أن تلحقه سكرات المحبة ، فإذا لم يكن ذلك لم تكن فيه حقيقة . فإن قلت أين الراجع من الجزاء إلى الاسم المتضمن لمعنى الشرط ؟ قلت هو محذوف معناه فسوف يأتي الله بقوم مكانهم أو بقوم غيرهم ، أو ما أشبه ذلك { أَذِلَّةٍ } جمع ذليل . وأما ذلول فجمعه ذلل . ومن زعم أنه من الذلّ الذي هو نقيض الصعوبة ، فقد غبى عنه أن ذلولاً لا يجمع على أذلة . فإن قلت هلا قيل أذلة للمؤمنين أعزة على الكافرين ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما أن يضمن الذلّ معنى الحنوّ والعطف كأنه قيل عاطفين عليهم على وجه التذلل والتواضع . والثاني أنهم مع شرفهم وعلو طبقتهم وفضلهم على المؤمنين خافضون لهم أجنحتهم . ونحوه قوله عزّ وجلّ { أَشِدَّاء عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } الفتح 29 وقرىء أذلة وأعزة بالنصب على الحال { وَلاَ يَخَـٰفُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ } يحتمل أن تكون الواو للحال ، على أنهم يجاهدون وحالهم في المجاهدة خلاف حال المنافقين ، فإنهم كانوا موالين لليهود - لعنت - فإذا خرجوا في جيش المؤمنين خافوا أولياءهم اليهود ، فلا يعملون شيئاً مما يعلمون أنه يلحقهم فيه لوم من جهتهم . وأمّا المؤمنون فكانوا يجاهدون لوجه الله لا يخافون لومة لائم قط . وأن تكون للعطف ، على أن من صفتهم المجاهدة في سبيل الله ، وأنهم صلاب في دينهم ، إذا شرعوا في أمر من أمور الدين إنكار منكر أو أمر بمعروف ، مضوا فيه كالمسامير المحماة ، لا يرعبهم قول قائل ولا اعتراض معترض ولا لومة لائم ، يشقّ عليه جدهم في إنكارهم وصلابتهم في أمرهم . واللومة المرّة من اللوم ، وفيها وفي التنكير مبالغتان كأنه قيل لا يخافون شيئاً قط من لوم أحد من اللوام . و { ذٰلِكَ } إشارة إلى ما وصف به القوم من المحبة والذلة والعزة والمجاهدة وانتفاء خوف اللومة { يُؤْتِيهُ } يوفق له { مَن يَشَآءُ } ممن يعلم أنّ له لطفاً { وٰسِعُ } كثير الفواضل والألطاف { عَلِيمٌ } بمن هو من أهلها .