Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 67-67)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } جميع ما أنزل إليك وأي شيء أنزل إليك غير مراقب في تبليغه أحداً ، ولا خائف أن ينالك مكروه { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ } وإن لم تبلغ جميعه كما أمرتك { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } وقرىء « رسالاته » ، فلم تبلغ إذاً ما كلفت من أداء الرسالات ، ولم تؤدّ منها شيئاً قط ، وذلك أن بعضها ليس بأولى بالأداء من بعض ، وإن لم تؤدّ بعضها فكأنك أغفلت أداءها جميعاً ، كما أن من لم يؤمن ببعضها كان كمن لم يؤمن بكلها ، لإدلاء كل منها بما يدليه غيرها . وكونا كذلك في حكم شيء واحد . والشيء الواحد لا يكون مبلغاً غير مبلغ ، مؤمناً به غير مؤمن به . وعن ابن عباس رضي الله عنهما إن كتمت آية لم تبلغ رسالاتي . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 359 " بعثني الله برسالاته فضقت بها ذرعاً ، فأوحى الله إليّ إن لم تبلغ رسالاتي عذبتك . وضمن لي العصمة فقويت " فإن قلت وقوع قوله { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } جزاء للشرط ما وجه صحته ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما أنه إذا لم يمتثل أمر الله في تبيلغ الرسالات وكتمها كلها كأنه لم يبعث رسولاً كان أمراً شنيعاً لاخفاء بشناعته ، فقيل إن لم تبلغ منها أدنى شيء وإن كان كلمة واحدة ، فأنت كمن ركب الأمر الشنيع الذي هو كتمان كلها ، كما عظم قتل النفس بقوله { فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً } المائدة 32 والثاني أن يراد فإن لم تفعل فلك ما يوجبه كتمان الوحي كله من العقاب فوضع السبب موضع المسبب ، ويعضده قوله عليه الصلاة والسلام " فأوحى الله إليّ إن لم تبلغ رسالاتي عذبتك " { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ } عدة من الله بالحفظ والكلاءة والمعنى والله يضمن لك العصمة من أعدائك ، فما عذرك في مراقبتهم ؟ فإن قلت أين ضمان العصمة 360 وقد شجّ في وجهه يوم أحد وكسرت رباعيته صلوات الله عليه ؟ قلت المراد أنه يعصمه من القتل . وفيه أن عليه أن يحتمل كل ما دون النفس في ذات الله ، فما أشدّ تكليف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وقيل نزلت بعد يوم أحد ، والناس الكفار بدليل قوله { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } ومعناه أنه لا يمكنهم مما يريدون إنزاله بك من الهلاك . وعن أنس 361 كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت ، فأخرج رأسه من قبة أدم وقال " انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله من الناس " .