Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 69-69)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلصَّـٰبِئُونَ } رفع على الابتداء وخبره محذوف ، والنية به التأخير عما في حيز إن من اسمها وخبرها ، كأنه قيل إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كذا ، والصابئون كذلك ، وأنشد سيبويه شاهداً له @ وإلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّا وَأَنْتُم بُغَاةٌ مَا بَقِيْنَا فِي شِقَاقِ @@ أي فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك ، فإن قلت هلا زعمت أن ارتفاعه للعطف على محل إن واسمها ؟ قلت لا يصحّ ذلك قبل الفراغ من الخبر ، لا تقول إن زيداً وعمرو منطلقان . فإن قلت لم لا يصحّ والنية به التأخير ، فكأنك قلت إن زيداً منطلق وعمرو ؟ قلت لأني إذا رفعته رفعته عطفاً على محل إن واسمها ، والعامل في محلهما هو الابتداء ، فيجب أن يكون هو العامل في الخبر لأن الابتداء ينتظم الجزأين في عمله كما تنتظمها إن في عملها فلو رفعت الصابئون المنويّ به التأخير بالابتداء وقد رفعت الخبر بأنّ ، لأعملت فيهما رافعين مختلفين . فإن قلت فقوله والصابئون معطوف لا بد له من معطوف عليه فما هو ؟ قلت هو مع خبره المحذوف جملة معطوفة على جملة قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ … } الخ ولا محل لها ، كما لا محل للتي عطفت عليها ، فإن قلت ما التقديم والتأخير إلا لفائدة ، فما فائدة هذا التقديم ؟ قلت فائدته التنبيه على أن الصابئين يتاب عليهم إن صحّ منهم الإيمان والعمل الصالح ، فما الظنّ بغيرهم . وذلك أن الصابئين أبين هؤلاء المعدودين ضلالاً وأشدّهم غياً ، وما سموا صابئين إلا لأنهم صبئوا عن الأديان كلها ، أي خرجوا ، كما أن الشاعر قدم قوله وأنتم تنبيهاً على أن المخاطبين أوغل في الوصف بالبغاة من قومه ، حيث عاجل به قبل الخبر الذي هو بغاة لئلا يدخل قومه في البغي قبلهم ، مع كونهم أوغل فيه منهم وأثبت قدماً فإن قلت فلو قيل والصابئين وإياكم لكان التقديم حاصلاً . قلت لو قيل هكذا لم يكن من التقديم في شيء ، لأنه لا إزالة فيه عن موضعه ، وإنما يقال مقدّم ومؤخر للمزال لا للقارّ في مكانه . ومجرى هذه الجملة مجرى الاعتراض في الكلام ، فإن قلت كيف قال { ٱلَّذِينَ آمنوا } ثم قال { مَنْ ءامَنَ } ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما أن يراد بالذين آمنوا الذين آمنوا بألسنتهم وهم المنافقون وأن يراد بمن آمن . من ثبت على الإيمان واستقام ولم يخالجه ريبة فيه . فإن قلت ما محل من آمن قلت إما الرفع على الابتداء وخبره { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط ثم الجملة كما هي خبر إن ، وإما النصب على البدل من اسم إن وما عطف عليه ، أو من المعطوف عليه . فإن قلت فأين الراجع إلى اسم إن ؟ قلت هو محذوف تقديره من آمن منهم ، كما جاء في موضع آخر . وقرىء « والصابيون » ، بياء صريحة ، وهو من تخفيف الهمزة ، كقراءة من قرأ « يستهزيون » . « والصابون » وهو من صبوت ، لأنهم صبوا إلى اتباع الهوى والشهوات في دينهم ولم يتبعوا أدلة العقل والسمع . وفي قراءة أبيّ رضي الله عنه « والصابئين » ، بالنصب . وبها قرأ ابن كثير . وقرأ عبد الله « يا أيها الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون » .