Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 78-81)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نزّل الله لعنهم في الزبور { عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ } وفي الإنجيل على لسان عيسى . وقيل إن أهل أيلة ، لما اعتدوا في السبت قال داود عليه السلام اللَّهم العنهم واجعلهم آية ، فمسخوا قردة . ولما كفر أصحاب عيسى عليه السلام بعد المائدة قال عيسى عليه السلام اللَّهم عذب من كفر بعد ما أكل من المائدة عذاباً لم تعذبه أحداً من العالمين ، والعنهم كما لعنت أصحاب السبت ، فأصبحوا خنازير وكانوا خمسة آلاف رجل ، ما فيهم امرأة ولا صبيّ { ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ } أي لم يكن ذلك اللعن الشنيع الذي كان سبب المسخ ، إلا لأجل المعصية والاعتداء ، لا لشيء آخر ثم فسر المعصية والاعتداء بقوله { كَانُواْ لاَ يَتَنَـٰهَوْنَ } لا ينهى بعضهم بعضاً { عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ } ثم قال { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } للتعجيب من سوء فعلهم ، مؤكداً لذلك بالقسم ، فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عن باب التناهي عن المناكير ، وقلة عبثهم به ، كأنه ليس من ملة الإسلام في شيء مع ما يتلون من كلام الله وما فيه من المبالغات في هذا الباب . فإن قلت كيف وقع ترك التناهي عن المنكر تفسيراً للمعصية والاعتداء ؟ قلت من قبل أنّ الله تعالى أمر بالتناهي ، فكان الإخلال به معصية وهو اعتداء ، لأنّ في التناهي حسماً للفساد فكان تركه على عكسه . فإن قلت ما معنى وصف المنكر بفعلوه ، ولا يكون النهي بعد الفعل ؟ قلت معناه لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه ، أو عن مثل منكر فعلوه ، أو عن منكر أرادوا فعله ، كما ترى أمارات الخوض في الفسق وآلاته تسوّى وتهيأ فتنكر . ويجوز أن يراد لا ينتهون ولا يمتنعون عن منكر فعلوه ، بل يصبرون عليه ويداومون على فعله . يقال تناهى عن الأمر وانتهى عنه إذا امتنع منه وتركه { تَرَىٰ كَثِيراً مّنْهُمْ } هم منافقو أهل الكتاب ، كانوا يوالون المشركين ويصافونهم { أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } هو المخصوص بالذمّ ، ومحله الرفع ، كأنه قيل لبئس زادهم إلى الآخرة سخط الله عليهم . والمعنى موجب سخط الله { وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ } إيماناً خالصاً غير نفاق ما اتخذوا المشركين { أَوْلِيَاء } يعني أنّ موالاة المشركين كفى بها دليلاً على نفاقهم ، وأنّ إيمانهم ليس بإيمان { وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ } متمرّدون في كفرهم ونفاقهم . وقيل معناه ولو كانوا يؤمنون بالله وموسى كما يدّعون ، ما اتخذوا المشركين أولياء كما لم يوالهم المسلمون .