Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 21-24)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } معطوف على { بِحُورٍ عِينٍ } أي قرناهم بالحور وبالذين آمنوا ، أي بالرفقاء والجلساء منهم ، كقوله تعالى { إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } الحجر 47 فيتمتعون تارة بملاعبة الحور ، وتارة بمؤانسة الإخوان المؤمنين { وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 1093 " إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه لتقرّبهم عينه " ثم تلا هذه الآية . فيجمع الله لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم ، ومزاوجة الحور العين ، وبمؤانسة الإخوان المؤمنين ، وباجتماع أولادهم ونسلهم بهم . ثم قال { بِإِيمَـٰنٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ } أي بسبب إيمان عظيم رفيع المحل ، وهو إيمان الآباء ألحقنا بدرجاتهم ذريتهم وإن كانوا لا يستأهلونها ، تفضلاً عليهم وعلى آبائهم ، لنتم سرورهم ونكمل نعيمهم . فإن قلت ما معنى تنكير الإيمان ؟ قلت معناه الدلالة على أنه إيمان خاص عظيم المنزلة . ويجوزأن يراد إيمان الذرية الداني المحل ، كأنه قال بشيء من الإيمان لا يؤهلهم لدرجة الآباء ألحقناهم بهم . وقرىء « وأتبعتهم ذريتهم وأتبعتهم ذريتهم » . وذرياتهم وقرىء « ذرياتهم » بكسر الذال . ووجه آخر وهو أن يكون { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } مبتدأ خبره { بِإِيمَـٰنٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ } وما بينهما اعتراض { وَمَا أَلَتْنَـٰهُمْ } وما نقصناهم . يعني وفرنا عليهم جميع ما ذكرنا من الثواب والتفضل ، وما نقصناهم من ثواب عملهم من شيء . وقيل معناه وما نقصناهم من ثوابهم شيئاً نعطيه الأبناء حتى يلحقوا بهم ، إنما ألحقناهم بهم على سبيل التفضل . قرىء « ألتناهم » وهو من بابين من ألت يألت ، ومن ألات يليت ، كأمات يميت . وآلتناهم ، من آلت يؤلت ، كآمن يؤمن . ولتناهم ، من لات يليت . وولتناهم ، من ولت يلت . ومعناهنّ واحد { كُلُّ ٱمْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } أي مرهون ، كأن نفس العبد رهن عند الله بالعمل الصالح الذي هو مطالب به ، كما يرهن الرجل عبده بدين عليه ، فإن عمل صالحاً فكها وخلصها ، وإلا أوبقها { وَأَمْدَدْنَـٰهُم } وزدناهم في وقت بعد وقت { يَتَنَـٰزَعُونَ } يتعاطون ويتعاورون هم وجلساؤهم من أقربائهم وإخوانهم { كَأْساً } خمراً { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا } في شربها { وَلاَ تَأْثِيمٌ } أي لا يتكلمون في أثناء الشرب بسقط الحديث وما لا طائل تحته كفعل المتنادمين في الدنيا على الشراب في سفههم وعربدتهم ، ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله ، أي ينسب إلى الإثم لو فعله في دار التكليف من الكذب والشتم والفواحش ، وإنما يتكلمون بالحكم والكلام الحسن متلذذين بذلك ، لأنّ عقولهم ثابتة غير زائلة ، وهم حكماء علماء . وقرىء « لا لغو فيها ولا تأثيم » { غِلْمَانٌ لَّهُمْ } أي مملوكون لهم مخصوصون بهم { مَّكْنُونٌ } في الصدف ، لأنه رطباً أحسن وأصفى . أو مخزون لأنه لا يخزن إلا الثمين الغالي القيمة . وقيل لقتادة هذا الخادم فكيف المخدوم ؟ فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 1094 " والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب " ، وعنه عليه الصلاة والسلام 1095 " إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه فيجيبه ألف ببابه لبيك لبيك " .