Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 1-18)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
النجم الثريا ، وهو اسم غالب لها . قال @ إذَا طَلَعَ النَّجْمُ عِشَاءَ إبْتَغَى الرَّاعِي كِسَاءَ @@ أو جنس النجوم . قال @ فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ @@ يريد النجوم { إِذَا هَوَىٰ } إذا غرب أو انتثر يوم القيامة . أو النجم الذي يرجم به إذا هوى إذا انفض . أو النجم من نجوم القرآن ، وقد نزل منجماً في عشرين سنة ، إذا هوى إذا نزل . أو النبات إذا هوى إذا سقط على الأرض . وعن عروة بن الزبير 1098 أنّ عتبة بن أبي لهب وكانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الخروج إلى الشام ، فقال لآتينّ محمداً فلأوذينه فأتاه فقال يا محمد ، وهو كافر بالنجم إذا هوى ، وبالذي دنا فتدلى ، ثم تفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وردّ عليه ابنته وطلقها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم سلط عليه كلباً من كلابك ، وكان أبو طالب حاضراً ، فوجم لها وقال ما كان أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة ! فرجع عتبة إلى أبيه ، فأخبره ، ثم خرجوا إلى الشام فنزلوا منزلاً ، فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم إن هذه أرض مسبعة ، فقال أبو لهب لأصحابه أغيثونا يا معشر قريش هذه الليلة ، فإني أخاف على ابني دعوة محمد ، فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم وأحدقوا بعتبة ، فجاء الأسد يتشمم وجوههم ، حتى ضرب عتبة فقتله . وقال حسان @ مَنْ يَرْجِعُ الْعَامَ إِلى أَهْلِهِ فَمَا أَكِيلُ السَّبْعِ بِالرَّاجِعِ @@ { مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم والخطاب لقريش ، وهو جواب القسم ، والضلال نقيض الهدى ، والغيّ نقيض الرشد ، أي هو مهتد راشد وليس كما تزعمون من نسبتكم إياه إلى الضلال والغي ، وما أتاكم به من القرآن ليس بمنطق يصدر عن هواه ورأيه ، وإنما هو وحي من عند الله يوحى إليه . ويحتج بهذه الآية من لا يرى الاجتهاد للأنبياء ، ويجاب بأنّ الله تعالى إذا سوّغ لهم الاجتهاد ، كان الاجتهاد وما يستند إليه كله وحياً لا نطقاً عن الهوى { شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } ملك شديد قواه ، والإضافة غير حقيقية ، لأنها إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها ، وهو جبريل عليه السلام ، ومن قوّته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود ، وحملها على جناحه ، ورفعها إلى السماء ثم قلبها ، وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين ، وكان هبوطه على الأنبياء وصعوده في أوحى من رجعة الطرف ، ورأى إبليس يكلم عيسى عليه السلام على بعض عقاب الأرض المقدّسة ، فنفحه بجناحه نفحة فألقاه في أقصى جبل بالهند { ذُو مِرَّةٍ } ذو حصافة في عقله ورأيه ومتانة في دينه { فَٱسْتَوَىٰ } فاستقام على صورة نفسه الحقيقة دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي وكان ينزل في صورة دحية ، وذلك 1098 أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها ، فاستوى له في الأفق الأعلى وهو أفق الشمس فملأ الأفق . وقيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته الحقيقية غير محمد صلى الله عليه وسلم مرتين مرة في الأرض ، ومرة في السماء { ثُمَّ دَنَا } من رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَتَدَلَّىٰ } فتعلق عليه في الهواء . ومنه تدلت الثمرة ، ودلى رجليه من السرير . والدوالي الثمر المعلق . قال @ تَدَلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وَخِيطَةٍ @@ ويقال هو مثل القرليّ إن رأى خيراً تدلى ، وإن لم يره تولى { قَابَ قَوْسَيْنِ } مقدار قوسين عربيتين والقاب والقيب والقاد والقيد ، والقيس المقدار . وقرأ زيد بن علي قاد . وقرىء « قيد » وقدر . وقد جاء التقدير بالقوس والرمح ، والسوط ، والذراع ، والباع ، والخطوة ، والشبر ، والفتر ، والأصبع . ومنه 1099 " لا صلاة إلى أن ترتفع الشمس مقدار رمحين " وفي الحديث 1100 " لقاب قوس أحدكم من الجنة وموضع قدّه خير من الدنيا وما فيها " والقدّ السوط . ويقال بينهما خطوات يسيرة . وقال @ وَقَدْ جَعَلَتْنِي مِنْ حَزِيمَةَ أَصْبُعَا @@ فإن قلت كيف تقدير قوله { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ } ؟ قلت تقديره فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين ، فحذفت هذه المضافات كما قال أبو علي في قوله @ وقد جعلتني من حزيمة أصبعا @@ أي ذا مقدار مسافة أصبع { أَوْ أَدْنَىٰ } أي على تقديركم ، كقوله تعالى { أَوْ يَزِيدُونَ } الصافات 147 . { إِلَىٰ عَبْدِهِ } إلى عبد الله ، وإن لم يجر لاسمه عزّ وجل ذكر ، لأنه لا يلبس كقوله { عَلَىٰ ظَهْرِهَا } فاطر 45 . { مَا أَوْحَىٰ } تفخيم للوحي الذي أوحي إليه قيل أوحي إليه « إنّ الجنة محرّمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك » { مَا كَذَبَ } فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه ببصره من صورة جبريل عليه السلام ، أي ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك ، ولو قال ذلك لكان كاذباً ، لأنه عرفه ، يعني أنه رآه بعينه وعرفه بقلبه ، ولم يشك في أنّ ما رآه حق وقرىء « ما كذب » أي صدّقه ولم يشك أنه جبريل عليه السلام بصورته { أَفَتُمَـٰرُونَهُ } من المراء وهو الملاحاة والمجادلة واشتقاقه من مرى الناقة ، كأن كل واحد من المتجادلين يمرى ما عند صاحبه . وقرىء « أفتمرونه » أفتغلبونه في المراء ، من ماريته فمريته ، ولما فيه من معنى الغلبة عدّى بعلى ، كما تقول غلبته على كذا وقيل أفتمرونه أفتجحدونه . وأنشدوا @ لَئِنْ هَجَوْتَ أَخَاً صِدْقٍ وَمَكْرُمَةٍ لَقَدْ مَرَيْتَ أخاً مَا كَانَ يَمْرِيكاً @@ وقالوا يقال مريته حقه إذا جحدته ، وتعديته بعلى لا تصح إلا على مذهب التضمين { نَزْلَةً أُخْرَىٰ } مرة أخرى من النزول ، نصبت النزلة نصب الظرف الذي هو مرة ، لأنّ الفعلة اسم للمرّة من الفعل ، فكانت في حكمها ، أي نزل عليه جبريل عليه السلام نزلة أخرى في صورة نفسه ، فرآه عليها ، وذلك ليلة المعراج عند سدرة المنتهى . قيل في سدرة المنتهى هي شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش ثمرها كقلال هجر ، وورقها كآذان الفيول ، تنبع من أصلها الأنهار التي ذكرها الله في كتابه ، يسير الراكب في ظلها سبعين عاماً لا يقطعها . والمنتهى بمعنى موضع الانتهاء ، أو الانتهاء ، كأنها في منتهى الجنة وآخرها . وقيل لم يجاوزها أحد ، وإليها ينتهي علم الملائكة وغيرهم ، ولا يعلم أحد ما وراءها . وقيل تنتهي إليها أرواح الشهداء { جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } الجنة التي يصير إليها المتقون عن الحسن . وقيل تأوى إليها أرواح الشهداء . وقرأ علي وابن الزبير وجماعة « جنة المأوى » أي سترة بظلاله ودخل فيه . وعن عائشة أنها أنكرته وقالت من قرأ به فأجنه الله { مَا يَغْشَىٰ } تعظيم وتكثير لما يغشاها ، فقد علم بهذه العبارة أن ما يغشاها من الخلائق الدالة على عظمة الله وجلاله أشياء لا يكتنهها النعت ولا يحيط بها الوصف . وقد قيل يغشاها الجم الغفير من الملائكة يعبدون الله عندها . وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1101 " رأيت على كل ورقة من ورقها ملكاً قائماً يسبح الله " وعنه عليه الصلاة والسلام 1102 @ يغشاها رفرف من طير خضر @@ وعن ابن مسعود وغيره يغشاها فراش من ذهب ما زاغ بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طغى أي أثبت ما رآه اثباتا مستقيماً صحيحاً ، من غير أن يزيغ بصره عنه أو يتجاوزه ، أو ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها ومكن منها ، وما طغى وما جاوز ما أمر برؤيته { لَقَدْ رَأَىٰ } والله لقد رأى { مِنْ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ } الآيات التي هي كبراها وعظماها ، يعني حين رقى به إلى السماء فأري عجائب الملكوت .