Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 68-70)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِى تَشْرَبُونَ } يريد الماء العذب الصالح للشرب . و { ٱلْمُزْنِ } السحاب الواحدة مزنة . وقيل هو السحاب الأبيض خاصة ، وهو أعذب ماء { أُجَاجاً } ملحاً زعاقاً لا يقدر على شربه . فإن قلت لم أدخلت اللام على جواب لو في قوله { لَجَعَلْنَاهُ حُطَـٰماً } الواقعة 65 ونزعت منه ههنا ؟ قلت إنّ « لو » لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعلق الجزاء بالشرط ، ولم تكن مخلصة للشرط كإن ولا عاملة مثلها ، وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقاً من حيث إفادتها في مضموني جملتيها أنّ الثاني امتنع لامتناع الأوّل افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علماً على هذا التعلق ، فزيدت هذه اللام لتكون علماً على ذلك ، فإذا حذفت بعد ما صارت علماً مشهوراً مكانه ، فلأن الشيء إذا علم وشهر موقعه وصار مألوفاً ومأنوساً به لم يبال بإسقاطه عن اللفظ ، استغناء بمعرفة السامع . ألا ترى إلى ما يحكى عن رؤبة أنه كان يقول خير ، لمن قال له كيف أصبحت ؟ فحذف الجار لعلم كل أحد بمكانه . وتساوي حالي حذفه وإثباته لشهرة أمره . وناهيك بقول أوس @ حَتى إذَا الْكلاَّبُ قَالَ لَهَا كَالْيَوْمِ مَطْلُوباً وَلاَ طَلَبَا @@ وحذفه « لم أر » فإذن حذفها اختصار لفظي وهي ثابتة في المعنى ، فاستوى الموضعان بلا فرق بينهما على أن تقدم ذكرها والمسافة قصيرة مغن عن ذكرها ثانية ونائب عنه . ويجوز أن يقال إنّ هذه اللام مفيدة معنى التوكيد لا محالة ، فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب ، للدلالة على أن أمر المطعوم مقدّم على أمر المشروب ، وأن الوعيد بفقده أشد وأصعب ، من قبل أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعاً للمطعوم . ألا ترى أنك إنما تسقى ضيفك بعد أن تطعمه ، ولو عكست قعدت تحت قول أبي العلاء @ إذَا سُقِيَتْ ضُيُوفُ النَّاسِ مَحْضاً سَقَوْا أَضْيَافَهُمْ شَبَماً زَلاَلاَ @@ وسقى بعض العرب فقال أنا لا أشرب إلا على ثميلة ولهذا قدّمت آية المطعوم على آية المشروب .