Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 5-5)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مّن لّينَةٍ } بيان لما قطعتم . ومحل ما نصب بقطعتم ، كأنه قال أي شيء قطعتم ، وأنث الضمير الراجع إلى ما في قوله { أَوْ تَرَكْتُمُوهَا } لأنه في معنى اللينة . واللينة النخلة من الألوان ، وهي ضروب النخل ما خلا العجوة . والبرنية ، وهما أجود النخيل ، وياؤها عن واو ، قلبت لكسرة ما قبلها ، كالديمة . وقيل « اللينة » النخلة الكريمة ، كأنهم اشتقوها من اللين . قال ذو الرمّة @ كَأَنَّ قُتُودِي فَوْقَهَا عُشُّ طَائِرٍ عَلَى لِينَةٍ سَوْقَاءَ تَهْفُو جُنُوبُهَا @@ وجمعها لين . وقرىء « قوّما » على أصلها . وفيه وجهان أنه جمع أصل كرهن ورهن . أو اكتفى فيه بالضمة عن الواو . وقرىء « قائماً على أصوله » ذهاباً إلى لفظ ما { فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } فقطعها بإذن الله وأمره { وَلِيُخْزِىَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } وليذل اليهود ويغيظهم إذن في قطعها ، وذلك 1153 أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر أن تقطع نخلهم وتحرق قالوا يا محمد ، قد كنت تنهىٰ عن الفساد في الأرض ، فما بال قطع النخل وتحريقها ؟ فكان في أنفس المؤمنين من ذلك شيء . فنزلت ، يعني أنّ الله أذن لهم في قطعها ليزيدكم غيظاً ويضاعف لكم حسرة إذا رأيتموهم يتحكمون في أموالكم كيف أحبوا ويتصرفون فيها ما شاؤوا . واتفق العلماء أنّ حصون الكفرة وديارهم لا بأس بأن تهدم وتحرق وتغرق وترمىٰ بالمجانيق . وكذلك أشجارهم لا بأس بقلعها مثمرة كانت أو غير مثمرة . وعن ابن مسعود قطعوا منها ما كان موضعا للقتال . فإن قلت لم خصت اللينة بالقطع ؟ قلت إن كانت من الألوان فليستبقوا لأنفسهم العجوة والبرنية ، وإن كانت من كرام النخل فليكون غيظ اليهود أشد وأشق . وروى 1154 أن رجلين كانا يقطعان أحدهما العجوة ، والآخر اللون ، فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا تركتها لرسول الله ، وقال هذا قطعتها غيظاً للكفار . وقد استدل به على جواز الاجتهاد ، وعلى جوازه بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهما بالاجتهاد فعلا ذلك ، واحتج به من يقول كل مجتهد مصيب .