Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 1-1)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ جَعَلَ } يتعدّى إلى مفعول واحد إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ ، كقوله { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ } وإلى مفعولين إذا كان بمعنى صيَّر ، كقوله { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } الزخرف 19 والفرق بين الخلق والجعل أن الخلق فيه معنى التقدير ، وفي الجعل معنى التضمين ، كإنشاء شيء من شيء ، أو تصيير شيء شيئاً ، أو نقله من مكان إلى مكان . ومن ذلك { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } الأعراف 189 { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ } لأن الظلمات من الأجرام المتكاثفة ، والنور من النار { ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً } فاطر 11 { أَجَعَلَ ٱلاْلِهَةَ إِلَـٰهاً وٰحِداً } ص 5 . فإن قلت لم أفرد النور ؟ قلت للقصد إلى الجنس ، كقوله تعالى { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا } الحاقة 17 أو لأن الظلمات كثيرة ، لأنه ما من جنس من أجناس الأجرام إلاّ وله ظلّ ، وظلّه هو الظلمة ، بخلاف النور فإنه من جنس واحد وهو النار . فإن قلت علام عطف قوله { ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ } ؟ قلت إما على قوله { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلق لأنه ما خلقه إلاّ نعمة ، ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته ، وإما على قوله { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ } على معنى أنه خلق ما خلق مما لا يقدر عليه أحد سواه ، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه . فإن قلت فما معنى ثم ؟ قلت استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته ، وكذلك { ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } الأنعام 2 استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه محييهم ومميتهم وباعثهم .