Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 56-58)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ نُهِيتُ } صرفت وزجرت ، بما ركب فيّ من أدلة العقل ، وبما أوتيت من أدلة السمع عن عبادة ما تعبدون { مِن دُونِ ٱللَّهِ } وفيه استجهال لهم ووصف بالاقتحام فيما كانوا فيه على غير بصيرة { قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ } أي لا أجري في طريقتكم التي سلكتموها في دينكم من اتباع الهوى دون اتباع الدليل ، وهو بيان للسبب الذي منه وقعوا في الضلال ، وتنبيه لكل من أراد إصابة الحق ومجانبة الباطل { قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً } أي إن اتبعت أهواءكم فأنا ضال وما أنا من الهدى في شيء يعني أنكم كذلك . ولما نفى أن يكون الهوى متبعاً نبه على ما يجب اتباعه بقوله { قُلْ إِنّى عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّى } ومعنى قوله { إِنّى عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّى وَكَذَّبْتُم بِهِ } إني من معرفة ربي وأنه لا معبود سواه ، على حجة واضحة وشاهد صدق { وَكَذَّبْتُم بِهِ } أنتم حيث أشركتم به غيره . ويقال أنا على بينة من هذا الأمر وأنا على يقين منه ، إذا كان ثابتاً عندك بدليل . ثم عقبه بما دل على استعظام تكذيبهم بالله وشدة غضبه عليهم لذلك وأنهم أحقاء بأن يغافصوا بالعذاب المستأصل فقال { مَا عِندِى مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } يعني العذاب الذي استعجلوه في قولهم { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء } الأنفال 32 { إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } في تأخير عذابكم { يَقْضي ٱلْحَقّ } أي القضاء الحق في كل ما يقضي من التأخير والتعجيل في أقسامه { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْفَـٰصِلِينَ } أي القاضين . وقرىء « يقص الحق » أي يتبع الحق والحكمة فيما يحكم به ويقدّره ، من قص أثره { لَّوْ أَنَّ عِندِى } أي في قدرتي وإمكاني { مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } من العذاب { لَقُضِىَ ٱلاْمْرُ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } لأهلكتكم عاجلاً غضباً لربي وامتعاضاً من تكذيبكم به . ولتخلصت منكم سريعاً { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ } وبما يجب في الحكمة من كنه عقابهم . وقيل { عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّى } على حجة من جهة ربي وهي القرآن { وَكَذَّبْتُم بِهِ } أي بالبينة . وذكر الضمير على تأويل البيان أو القرآن . فإن قلت بم انتصب الحق ؟ قلت بأنه صفة لمصدر يقضي أي يقضي القضاء الحق . ويجوز أن يكون مفعولاً به من قولهم قضى الدرع إذا صنعها ، أي يصنع الحق ويدبره . وفي قراءة عبد الله « يقضى بالحق » فإن قلت لم أسقطت الياء في الخط ؟ قلت إتباعاً للخط اللفظ ، وسقوطها في اللفظ لالتقاء الساكنين .