Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 74-79)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ءَازَرَ } اسم أبي إبراهيم عليه السلام . وفي كتب التواريخ أنّ اسمه بالسريانية تارح . والأقرب أن يكون وزن { ءَازَرَ } فاعل مثل تارح وعابر وعازر وشالخ وفالغ وما أشبهها من أسمائهم ، وهو عطف بيان لأبيه . وقرىء « آزر » بالضم على النداء . وقيل « آزر » اسم صنم ، فيجوز أن ينبز به للزومه عبادته ، كما نبز ابن قيس بالرقيات اللاتي كان يشبب بهنّ ، فقيل ابن قيس الرقيات . وفي شعر بعض المحدثين @ أُدْعَى بَأَسْمَاءَ نَبْزاً في قَبَائِلِهَا كَأَنَّ أَسْمَاءَ أَضْحَتْ بَعْدُ أَسْمَائِي @@ أو أريد عابد آزر ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وقرىء « ءأزر » تتخذ أصناماً آلهة بفتح الهمزة وكسرها بعد همزة الاستفهام وزاي ساكنة وراء منصوبة منونة ، وهو اسم صنم . ومعناه أتعبد آزراً على الإنكار ؟ ثم قال تتخذ أصناماً آلهة تثبيتاً لذلك وتقريراً ، وهو داخل في حكم الإنكار ، لأنه كالبيان له { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلَّيْلُ } عطف على قال إبراهيم لأبيه وقوله { وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرٰهِيمَ } جملة معترض بها بين المعطوف والمعطوف عليه . والمعنى مثل ذلك التعريف والتبصير نعرف إبراهيم ونبصره . ملكوت السمٰوات والأرض يعني الربوبية والإلٰهية ونوفقه لمعرفتها ونرشده بما شرحنا صدره وسدّدنا نظره وهديناه لطريق الاستدلال . وليكون من الموقنين فعلنا ذلك . ونروي حكاية حال ماضية ، وكان أبوهآزر وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب ، فأراد أن ينبههم على الخطأ في دينهم ، وأن يرشدهم إلى طريق النظر والاستدلال ، ويعرفهم أن النظر الصحيح مؤدّ إلى أن شيئاً منها لا يصحّ أن يكون إلٰهاً ، لقيام دليل الحدوث فيها ، وأن وراءها محدثاً أحدثها ، وصانعاً صنعها ، مدبراً دبر طلوعها وأفولها وانتقالها ومسيرها وسائر أحوالها { هَـٰذَا رَبّى } قول من ينصف خصمه مع علمه بأنه مبطل ، فيحكي قوله كما هو غير متعصب لمذهبه . لأن ذلك أدعى إلى الحق وأنجى من الشغب ، ثم يكرّ عليه بعد حكايته فيبطله بالحجة { لا أُحِبُّ ٱلأفِلِينَ } لا أحبّ عبادة الأرباب المتغيرين من حال إلى حال ، المتنقلين من مكان إلى آخر ، المحتجبين بستر ، فإنّ ذلك من صفات الأجرام { بَازِغاً } مبتدئاً في الطلوع { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى } تنبيه لقومه على أنّ من اتخذ القمر إلٰهاً وهو نظير الكوكب في الأفول ، فهو ضال ، وأنّ الهداية إلى الحق بتوفيق الله ولطفه { هَـٰذَا أَكْبَرُ } من باب استعمال النصفة أيضاً مع خصومه { إِنّى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ } من الأجرام التي تجعلونها شركاء لخالقها { إِنّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ } أي للذي دلت هذه المحدثات عليه وعلى أنه مبتدؤها ومبتدعها . وقيل هذا كان نظره واستدلاله في نفسه ، فحكاه الله . والأوّل أظهر لقوله { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى } وقوله { قَالَ يٰقَوْمِ إِنّى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ } . فإن قلت لم احتج عليهم بالأفول دون البزوغ ، وكلاهما انتقال من حال إلى حال ؟ قلت الاحتجاج بالأفول أظهر ، لأنه انتقال مع خفاء واحتجاب . فإن قلت ما وجه التذكير في قوله { هَـٰذَا رَبّى } والإشارة للشمس ؟ قلت جعل المبتدأ مثل الخبر لكونهما عبارة عن شيء واحد ، كقولهم ما جاءت حاجتك ، ومن كانت أمك ، و { لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ } الأنعام 23 وكان اختيار هذه الطريقة واجباً لصيانة الرب عن شبهة التأنيث . ألا تراهم قالوا في صفة الله « علام » ولم يقولوا « علامة » وإن كان العلامة أبلغ ، احترازاً من علامة التأنيث . وقرىء « تري إبراهيمَ ملكوتُ السمٰواتِ والأرض » بالتاء ورفع الملكوت . ومعناه تبصره دلائل الربوبية .