Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 80-90)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونّى فِى ٱللَّهِ } وكانوا حاجوه في توحيد الله ونفي الشركاء عنه منكرين لذلك { وَقَدْ هَدَٰنِ } يعني إلى التوحيد { وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ } وقد خوفوه أن معبوداتهم تصيبه بسوء { إِلاَّ أَن يَشَاء رَبّى شَيْئاً } إلاّ وقت مشيئة ربي شيئاً يخاف ، فحذف الوقت ، يعني لا أخاف معبوداتكم في وقت قط لأنها لا تقدر على منفعة ولا مضرة ، إلاّ إذا شاء ربي أن يصيبني بمخوف من جهتها إن أصبت ذنباً استوجب به إنزال المكروه ، مثل أن يرجمني بكوكب أو بشقة من الشمس أو القمر ، أو يجلعها قادرة على مضرتي { وَسِعَ رَبّى كُلَّ شَىْء عِلْماً } أي ليس بعجب ولا مستبعد أن يكون في علمه إنزال المخوف بي من جهتها { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } فتميزوا بين الصحيح والفاسد والقادر والعاجز { وَكَيْفَ أَخَافُ } لتخويفكم شيئاً مأمون الخوف لا يتعلق به ضرر بوجه { و } أنتم { لا تخافون } ما يتعلق به كل مخوف وهو إشراككم بالله ما لم ينزل بإشراكه { سُلْطَـٰناً } أي حجة ، لأن الإشراك لا يصحّ أن يكون عليه حجة ، كأنه قال وما لكم تنكرون علي الأمن في موضع الأمن ، ولا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع الخوف . ولم يقل فأينا أحق بالأمن أنا أم أنتم ، احترازاً من تزكيته نفسه ، فعدل عنه إلى قوله { فَأَىُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ } يعني فريقي المشركين والموحدين . ثم استأنف الجواب على السؤال بقوله { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ } أي لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم . وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس { وَتِلْكَ } إشارة إلى جميع ما احتج به إبراهيم عليه السلام على قومه من قوله { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلَّيْلُ } إلى قوله { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } . ومعنى { ءَاتَيْنَـٰهَآ } أرشدناه إليها ووفقناه لها { نَرْفَعُ دَرَجَـٰتٍ مَّن نَّشَاء } يعني في العلم والحكمة . وقرىء بالتنوين { وَمِن ذُرّيَّتِهِ } الضمير لنوح أو لإبراهيم . و { دَاوُودُ } عطف على نوحاً ، أي وهدينا داود { وَمِنْ ءابَائِهِمْ } في موضع النصب عطفاً على كلاًّ ، بمعنى وفضلنا بعض آبائهم { وَلَوْ أَشْرَكُواْ } مع فضلهم وتقدمهم وما رفع لهم من الدرجات . لكانوا كغيرهم في حبوط أعمالهم ، كما قال تعالى وتقدّس { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } الزمر 65 . { ءَاتَيْنَٰهُمُٱلْكِتَـٰبَ } يريد الجنس { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا } بالكتاب والحكمة والنبوّة . أو بالنبوّة { هَـٰؤُلاۤءِ } يعني أهل مكة { قَوْماً } هم الأنبياء المذكورون ومن تابعهم بدليل قوله { أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } وبدليل وصل قوله { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء } بما قبله . وقيل هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكل من آمن به . وقيل كل مؤمن من بني آدم . وقيل الملائكة وادّعى الأنصار أنها لهم . وعن مجاهد هم الفرس . ومعنى توكيلهم بها أنهم وفقوا للإيمان بها والقيام بحقوقها كما يوكّل الرجل بالشيء ليقوم به ، ويتعهده ويحافظ عليه . والباء في { بِهَا } صلة كافرين . وفي { بِكَـٰفِرِينَ } تأكيد النفي . { فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } فاختص هداهم بالاقتداء ، ولا تقتد إلاّ بهم . وهذا معنى تقديم المفعول ، والمراد بهداهم طريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده وأصول الدين دون الشرائع ، فإنها مختلفة وهي هدى ، ما لم تنسخ . فإذا نسخت لم تبق هدى ، بخلاف أصول الدين فإنها هدى أبداً . والهاء في { ٱقْتَدِهْ } للوقف تسقط في الدرج . واستحسن إيثار الوقف لثبات الهاء في المصحف .