Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 61, Ayat: 1-4)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لِمَ } هي لام الإضافة داخلة على ما الاستفهامية كما دخل عليها غيرها من حروف الجر في قولك بم ، وفيم ، ومم ، وعم ، وإلام ، وعلام . وإنما حذفت الألف لأنّ ما والحرف كشيء واحد ، ووقع استعمالهما كثيراً في كلام المستفهم وقد جاء استعمال الأصل قليلاً والوقف على زيادة هاء السكت أو الإسكان . ومن أسكن في الوصل فلإجرائه مجرى الوقف ، كما سمع ثلاثة ، أربعة ، بالهاء وإلقاء حركة الهمزة عليها محذوفة ، وهذا الكلام يتناول الكذب وإخلاف الموعد . وروي أنّ المؤمنين قالوا قبل أن يؤمروا بالقتال لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لعملناه ولبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا ، فدلهم الله تعالى على الجهاد في سبيله ، فولوا يوم أحد فعيرهم . وقيل لما أخبر الله بثواب شهداء بدر قالوا لئن لقينا قتالا لنفرغن فيه وسعنا ، ففروا يوم أحد ولم يفوا . وقيل كان الرجل يقول قتلت ولم يقتل ، وطعنت ولم يطعن ، وضربت ولم يضرب ، وصبرت ولم يصبر . وقيل 1169 كان قد أذى المسلمين رجل ونكى فيهم ، فقتله صهيب وانتحل قتله آخر ، فقال عمر لصهيب أخبر النبي عليه السلام أنك قتلته ، فقال إنما قتلته لله ولرسوله ، فقال عمر يا رسول الله قتله صهيب ، قال كذلك يا أبا يحيى ؟ قال نعم ، فنزلت في المنتحل . وعن الحسن نزلت في المنافقين . ونداؤهم بالإيمان تهكم بهم وبإيمانهم هذا من أفصح كلام وأبلغه في معناه قصد في { كَبُرَ } التعجب من غير لفظه كقوله @ غَلَتْ نَابٌ كُلَيْبٌ بَوَاءُهَا @@ ومعنى التعجب تعظيم الأمر في قلوب السامعين لأن التعجب لا يكون إلا من شيء خارج عن نظائره وأشكاله ، وأسند إلى أن تقولوا . ونصب { مَقْتاً } على تفسيره ، دلالة على أنّ قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه ، لفرط تمكن المقت منه واختير لفظ المقت لأنه أشد البغض وأبلغه . ومنه قيل نكاح المقت ، للعقد على الرابة ، ولم يقتصر على أن جعل البغض كبيراً ، حتى جعل أشده وأفحشه . و { عَندَ ٱللَّهِ } أبلغ من ذلك ، لأنه إذا ثبت كبر مقته عند الله فقد تم كبره وشدته وانزاحت عنه الشكوك . وعن بعض السلف أنه قيل له حدّثنا ، فسكت ثم قيل له حدثنا فقال تأمرونني أن أقول ما لا أفعل فأستعجل مقت الله . في قوله { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِهِ } عقيب ذكر مقت المخلف دليل على أن المقت قد تعلق بقول الذين وعدوا الثبات في قتال الكفار فلم يفوا . وقرأ زيد بن علي « يقاتلون » بفتح التاء . وقرىء « يقتلون » { صَفّاً } صافين أنفسهم أو مصفوفين { كَأَنَّهُم } في تراصهم من غير فرجة ولا خلل { بُنْيَـٰنٌ } رص بعضه إلى بعض ورصف . وقيل يجوز أن يريد استواء نياتهم في الثبات حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص . وعن بعضهم فيه دليل على فضل القتال راجلاً لأنّ الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة . وقوله { صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَـٰنٌ } حالان متداخلتان .