Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 63, Ayat: 4-4)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كان عبد الله بن أبيّ رجلاً جسيماً صبيحاً ، فصيحاً ، ذلق اللسان وقوم من المنافقين في مثل صفته ، وهم رؤساء المدينة ، وكانوا يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستندون فيه ، ولهم جهارة المناظر وفصاحة الألسن فكان النبي صلى الله عليه وسلم ومن حضر يعجبون بهياكلهم ويسمعون إلى كلامهم . فإن قلت ما معنى قوله { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } ؟ قلت شبهوا في استنادهم - وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير - بالخشب المسندة إلى الحائط ولأنّ الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظان الانتفاع ، وما دام متروكاً فارغاً غير منتفع به أسند إلى الحائط ، فشبهوا به في عدم الانتفاع . ويجوز أن يراد بالخشب المسندة الأصنام المنحوتة من الخشب المسندة إلى الحيطان شبهوا بها في حسن صورهم وقلة جدواهم والخطاب في { رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ } لرسول الله ، أو لكل من يخاطب . وقرىء « يُسمع » على البناء للمفعول ، وموضع { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ } رفع على هم كأنهم خشب . أو هو كلام مستأنف لا محل له . وقرىء « خشب » جمع خشبة ، كبدنة وبدن . وخشب ، كثمرة وثمر . وخشب ، كمدرة ومدر ، وهي في قراءة ابن عباس . وعن اليزيدي أنه قال في { خُشُبٌ } جمع خشباء ، والخشباء الخشبة التي دعر جوفها شبهوا بها في نفاقهم وفساد بواطنهم { عَلَيْهِمْ } ثاني مفعولي يحسبون ، أي يحسبون كل صيحة واقعة عليهم وضارة لهم ، لجبنهم وهلعهم وما في قلوبهم من الرعب إذا نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة ظنوه إيقاعاً بهم . وقيل كانوا على وجل من أن ينزل الله فيهم ما يهتك أستارهم ويبيح دماءهم وأموالهم . ومنه أخذ الأخطل @ مَا زِلْتَ تَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَهُم خَيْلاَ تَكِرُّ عَلَيْهِمُ وَرِجَالاَ @@ يوقف على { عَلَيْهِمْ } ويبتدأ { هُمُ ٱلْعَدُوُّ } أي الكاملون في العداوة لأنّ أعدى الأعداء العدوّ المداجي ، الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوي { فَٱحْذَرْهُمْ } ولا تغترر بظاهرهم . ويجوز أن يكون { هُمُ ٱلْعَدُوُّ } المفعول الثاني ، كما لو طرحت الضمير . فإن قلت فحقه أن يقال هي العدوّ . قلت منظور فيه إلى الخبر ، كما ذكر في { هَـٰذَا رَبّى } الأنعام 76 وأن يقدر مضاف محذوف على يحسبون كل أهل صحية { قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ } دعاء عليهم ، وطلب من ذاته أن يلعنهم ويخزيهم . أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } كيف يعدلون عن الحق تعجباً من جهلهم وضلالتهم .