Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 65, Ayat: 6-7)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَسْكِنُوهُنَّ } وما بعده بيان لما شرط من التقوى في قوله { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } كأنه قيل كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدات ؟ فقيل اسكنوهن . فإن قلت من في { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } ما هي ؟ قلت هي من التبعيضية مبعضها محذوف معناه أسكنوهن مكاناً من حيث سكنتم ، أي بعض مكان سكناكم ، كقوله تعالى { يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ } النور 30 أي بعض أبصارهم . قال قتادة إن لم يكن إلا بيت واحد ، فأسكنها في بعض جوانبه . فإن قلت فقوله « من وجدكم » ؟ قلت هو عطف بيان لقوله { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } وتفسير له ، كأنه قيل أسكنوهن مكاناً من مسكنكم مما تطيقونه . والوجد الوسع والطاقة . وقرىء بالحركات الثلاث . والسكنى والنفقة واجبتان لكل مطلقة . وعند مالك والشافعي ليس للمبتوتة إلا السكنى ولا نفقة لها . وعن الحسن وحماد لا نفقة لها ولا سكنى لحديث فاطمة بنت قيس 1204 أن زوجها أبتّ طلاقها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا سكنى لك ولا نفقة " . وعن عمر رضي الله عنه 1205 لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لعلها نسيت أو شبه لها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم " لها السكنى والنفقة " { وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ } ولا تستعملوا معهن الضرار { لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ } في المسكن ببعض الأسباب من إنزال من لا يوافقهن ، أو يشغل مكانهن ، أو غير ذلك ، حتى تضطروهن إلى الخروج . وقيل هو أن يراجعها إذا بقي من عدتها يومان ليضيق عليها أمرها . وقيل هو أن يلجئها إلى أن تفتدي منه . فإن قلت فإذا كانت كل مطلقة عندكم تجب لها النفقة ، فما فائدة الشرط في قوله { وَإِن كُنَّ أُوْلَـٰتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ } قلت فائدته أن مدة الحمل ربما طالت فظن ظان أن النفقة تسقط إذا مضى مقدار عدة الحائل ، فنفى ذلك الوهم . فإن قلت فما تقول في الحامل المتوفى عنها ؟ قلت مختلف فيها فأكثرهم على أنه لا نفقة لها ، لوقوع الإجماع على أنّ من أجبر الرجل على النفقة عليه من امرأة أو ولد صغير لا يجب أن ينفق عليه من ماله بعد موته ، فكذلك الحامل . وعن علي وعبد الله وجماعة أنهم أوجبوا نفقتها { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ } يعني هؤلاء المطلقات إن أرضعن لكم ولداً من غيرهنّ أو منهنّ بعد انقطاع عصمة الزوجية { فَئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } حكمهن في ذلك حكم الأظار ، ولا يجوز عند أبي حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم الاستئجار إذا كان الولد منهم ما لم يبنّ . ويجوز عند الشافعي . الائتمار بمعنى التآمر ، كالاشتوار بمعنى التشاور . يقال ائتمر القوم وتآمروا ، إذا أمر بعضهم بعضاً . والمعنى وليأمر بعضكم بعضاً ، والخطاب للآباء والأمهات { بِمَعْرُوفٍ } بجميل وهو المسامحة ، وأن لا يماكس الأب ولا تعاسر الأم لأنه ولدهما معا ، وهما شريكان فيه وفي وجوب الإشفاق عليه { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } فستوجد ولا تعوز مرضعة غير الأم ترضعه وفيه طرف من معاتبة الأم على المعاسرة ، كما تقول لمن تستقضيه حاجة فيتوانى سيقضيها غيرك ، تريد لن تبقى غير مقضية وأنت ملوم ، وقوله { لَهُ } أي للأب ، أي سيجد الأب غير معاسرة ترضع له ولده إن عاسرته أمه { لِيُنفِقْ } كل واحد من الموسر والمعسر ما بلغه وسعه يريد ما أمر به من الإنفاق على المطلقات والمرضعات ، كما قال { وَمَتّعُوهُنَّ عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدْرُهُ } البقرة 236 وقرىء « لينفق » بالنصب ، أي شرعنا ذلك لينفق . وقرأ ابن أبي عبلة « قدّر » { سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ } موعد لفقراء ذلك الوقت بفتح أبواب الرزق عليهم ، أو لفقراء الأزواج إن أنفقوا ما قدروا عليه ولم يقصروا .